منتديات حنين
أهلا بيك يا معلم منور المنتدى وحشتنا مستنيينك من بدرى اذا كنت عضو معانا اتفضل بالدخول
واذا كنت زائر يشرفنا انضمامك لأسرة منتدانا المتواضع
منتديات حنين
أهلا بيك يا معلم منور المنتدى وحشتنا مستنيينك من بدرى اذا كنت عضو معانا اتفضل بالدخول
واذا كنت زائر يشرفنا انضمامك لأسرة منتدانا المتواضع
منتديات حنين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حنين

منتديات حنين - اغانى - افلام - كليبات - غرائب - صور - برامج - العاب - مسابقات - نكت - الغاز - موبايل - كل جديد وحصرى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الموت قادم لامحاله

اذهب الى الأسفل 
+3
الحبيب المصرى
haithoum
nour_einy
7 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:10 pm

سلسله الموت قادم لامحاله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وصف الله سبحانه و تعالى شدة الموت في أربع آيات :
الأولى : قوله الحق : { و جاءت سكرة الموت بالحق }
الثانية : قوله تعالى : { و لو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت }
الثالثة : قوله تعالى : { فلولا إذا بلغت الحلقوم }
الرابعة : { كلا إذا بلغت التراقي }
روى البخاري عن [ عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه و يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يديه فجعل يقول : في الرفيق الأعلى حتى قبض و مالت يده ]
و خرج الترمذي عنها قالت : [ ما أغبط أحدا بهون موت بعد الذي رأيت من شدة موت رسول الله صلى الله عليه و سلم ]
و في البخاري عنها قالت : [ مات رسول الله صلى الله عليه و سلم و إنه لبين حاقنتي و ذاقنتي فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي صلى الله عليه و سلم ] الحاقنة : المطمئن بين الترقوة و الحلق و الذاقنة : نقره الذقن و قال الخطابي : الذاقنة : ما تناوله الذقن من الصدر
و ذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده [ عن جابر بن عبد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : تحدثوا عن بني إسرائيل فإنه كانت فيهم أعاجيب ] ثم أنشأ يحدثنا قال : [ خرجت طائفة منهم فأتوا على مقبرة من مقابرهم فقالوا لو صلينا ركعتين و دعونا الله يخرج لنا بعض الأموات يخبرنا عن الموت قال : ففعلوا فبينما هم كذلك إذا طلع رجل رأسه بيضاء أسود اللون خلا شيء بين عينيه أثر السجود فقال يا هؤلاء ما أردتم إلي ؟ لقد مت منذ مائة سنة فما سكنت عني حرارة الموت حتى الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت ]
و روى أبو هدبة إبراهيم بن هدبة قال : [ حدثنا أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن العبد ليعالج كرب الموت و سكرات الموت و إن مفاصله ليسلم بعضها على بعض تقول : عليك السلام تفارقني و أفارقك إلى يوم القيامة ]
و ذكر المحاسبي في الرعاية : أن الله تعالى قال لإبراهيم عليه السلام : [ يا خليلي كيف وجدت الموت ؟ قال : كسفود محمى جعل في صوف رطب ثم جذب قال : [ أما إنا قد هونا عليك يا إبراهيم ]
و روى أن موسى عليه السلام لما صار روحه إلى الله قال له ربه : [ يا موسى كيف وجدت الموت ] ؟ قال : وجدت نفسي كالعصفور الحي حين يقلى على المقلى لا يموت فيستريح و لا ينجو فيطير و روى عنه أنه قال : وجدت نفسي كشاة تسلخ بيد القصاب و هي حية و قال عيسى بن مريم عليه السلام : [ يا معشر الحواريين ادعوا الله أن يهون عليكم هذه السكرة ] يعني سكرات الموت
و روي : أن الموت أشد من ضرب بالسيوف و نشر بالمناشير و قرض بالمقاريض
و ذكر أبو نعيم الحافظ في كتاب الحلية من [ حديث مكحول عن وائلة ابن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : و الذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ] و سيأتي بكماله إن شاء الله تعالى
و في الخبر من حديث حميد الطويل [ عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الملائكة تكتنف العبد و تحبسه و لولا ذلك لكان يعدو في الصحاري و البراري من شدة سكرات الموت ] و جاءت الرواية بأن ملك الموت عليه السلام إذا تولى الله قبض نفسه بعد موت الخلائق يقول : [ و عزتك لو علمت من سكرة الموت ما أعلم ما قبضت نفس مؤمن ] ذكره القاضي أبو بكر بن العربي
و عن شهر بن حوشب قال : [ سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الموت و شدته ؟ فقال : إن أهون الموت بمنزلة حسكة كانت في صوف فهل تخرج الحسكة من الصوف إلا و معها الصوف ] ؟ قال شهر : و لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة قال له ابنه يا أبتاه ؟ إنك لتقول لنا : ليتني كنت ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت حتى يصف لي ما يجد و أنت ذلك الرجل فصف لي الموت فقال : يا بني و الله كأن جنبي في تخت و كأني أتنفس من سم إبرة و كأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي ثم أنشأ يقول :
( ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في تلال الجبال أرعى الوعولا )
و عن أبي ميسرة رفعه قال : [ لو أن ألم شعرة من الميت وضع على أهل السماء و الأرض لماتوا جميعا ] و أنشدوا :
( أذكر الموت و لا أرهبه ... إن قلبي لغليظ كالحجر )
( أطلب الدنيا كأني خالد ... و ورائي الموت يقفو بالأثر )
( و كفى بالموت فاعلم واعظا ... لمن الموت عليه قد قدر )
( و المنايا حوله ترصده ... ليس ينجي المرء منهن المفر )
و قال آخر :
( بينا الفتى مرح الخطا فرح بما ... يسع له إذ قيل : قد مرض الفتى )
( إذ قيل : بات بليلة ما نامها ... إذ قيل : أصبح مثخنا ما يرتجى )
( إذ قيل : أصبح شاخصا و موجها ... و معللا إذ قيل : أصبح قد قضى )
فصل : أيها الناس : قد آن للنائم أن يستيقظ من نومه و حان للغافل أن يتنبه من غفلته قبل هجوم الموت بمرارة كأسه و قبل سكون حركاته و خمود أنفاسه و رحلته إلى قبره و مقامه بين أرماسه
و روى عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أناس من أصحابه يوصيهم فكان فيما أوصاهم به أن كتب إليهم :
[ أما بعد : فإني أوصيكم بتقوى الله العظيم و المراقبة له و اتخذوا التقوى و الورع زادا فإنكم في دار عما قريب تنقلب بأهلها و الله في عرضات القيامة و أهوالها يسألكم عن الفتيل و النقير فالله الله عباد الله اذكروا الموت الذي لا بد منه و اسمعوا قول الله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت } و قوله عز و جل : { كل من عليها فان } و قوله عز و جل : { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم } فقد بلغني ـ و الله أعلم ـ أنهم يضربون بسياط من نار و قال جل ذكره : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون }
و قد بلغني ـ و الله أعلم و أحكم ـ أن ملك الموت رأسه في السماء و رجلاه في الأرض و أن الدنيا كلها في يد ملك الموت كالقصعة بين يدي أحدكم يأكل منها و قد بلغني ـ و الله أعلم و أحكم ـ أن ملك الموت ينظر في وجه كل آدمي ثلاثمائة نظرة و ستا و ستين نظرة و بلغني أن ملك الموت ينظر في كل بيت تحت ظل السماء ستمائة مرة و بلغني أن ملك الموت قائم وسط الدنيا فينظر الدنيا كلها برها و بحرها و جبالها و هي بين يديه كالبيضة بين رجلي أحدكم و بلغني أن لملك الموت أعوانا الله أعلم بهم ليس منهم ملك إلا لو أذن له أن يلتقم السموات و الأرض في لقمة واحدة لفعل و بلغني أن ملك الموت تفزغ منه الملائكة أشد من فزع أحدكم من السبع و بلغني أن حملة العرش إذا قرب ملك الموت من أحدهم ذاب حتى يصير مثل الشعرة من الفزع منه و بلغني أن ملك الموت ينتزع روح بني آدم من تحت عضوه و ظفره و عروقه و شعره و لا تصل الروح من مفصل إلى مفصل إلا كان أشد عليه من ألف ضربة بالسيف و بلغني أنه لو وضع وجع شعرة من الميت على السموات و الأرض لأذابها حتى إذا بلغت الحلقوم و لي القبض ملك الموت و بلغني أن ملك الموت إذا قبض روج مؤمن جعلها في حريرة بيضاء و مسك أذفر و إذا قبض روح الكافر جعلها في خرقة سوداء في فخار من نار أشد نتنا من الجيف
و في الخبر إذا دنت منية المؤمن نزل عليه أربعة من الملائكة : ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى و ملك يجذبها من قدمه اليسرى و النفس تنسل انسلال القطرة من السقاء و هم يجذبونها من أطراف البنان و رؤوس الأصابع و الكافر تنسل روحه كالسفود من الصوف المبتل ذكره أبو حامد في كشف علوم الآخرة فمثل نفسك يا مغرور و قد حلت بك السكرات و نزل بك الأنين و الغمرات فمن قائل يقول : إن فلانا قد أوصى و ماله قد احصى و من قائل يقول : إن فلانا ثقل لسانه فلا يعرف جيرانه و لا يكلم إخوانه فكأني أنظر إليك تسمع الخطاب و لا تقدر على رد الجواب ثم تبكي ابنتك و هي كالأسيرة و تتضرع و تقول : حبيبي أبي من ليتمي من بعدك ؟ و من لحاجتي ؟ و أنت و الله تسمع الكلام و لا تقدر على رد الجواب و أنشدوا :
( و أقبلت الصغرى تمرغ خدها ... على وجنتي حينا و حينا على صدري )
( و تخمش خديها و تبكي بحرقة ... تنادي : أبي إني غلبت على الصبر )
( حبيبي أبي من لليتامى تركتهم ... كأفراخ زغب في بعيد من الوكر ؟ )
فخيل لنفسك يا ابن آدم إذا أخذت من فراشك إلى لوح مغتسلك فغسلك الغاسل و ألبست الأكفان و أوحش منك الأهل و الجيران و بكت عليك الأصحاب و الإخوان و قال الغاسل أين زوجة فلان تحالله ؟ و أين اليتامى ترككم أبوكم فما ترونه بعد هذا اليوم أبدا ؟ و أنشدوا :
( ألا أيها المغرور ما لك تلعب ... تؤمل آمالا و موتك أقرب )
( و تعلم أن الحرص بحر مبعد ... سفينته الدنيا فإياك تعطب )
( و تعلم أن الموت ينقص مسرعا ... عليك يقينا طعمه ليس يعذب )
( كأنك توصي و اليتامى تراهم ... و أمهم الثكلى تنوح و تندب )
( تغص بحزن ثم تلطم وجهها ... يراها رجال بعد ما هي تحجب )
( و أقبل بالأكفان نحوك قاصد ... و يحثى عليك الترب و العين تسكب )
فصل : قول عائشة رضي الله عنها : [ كانت بين يديه ركوة أو علبة ] العلبة : قدح من خشب ضخم يحلب فيه قال ابن فارس في المجمل و قال الجوهري في الصحاح العلبة محلب من جلد و الجمع علب و علاب والمعلب الذي يتخذها
قال الكميت يصف خيلا :
( سقينا دما القوم طورا و تارة ... صبوحا لإقتار الجلود المعلب )
و قيل : أسفله جلد و أعلاه خشب مدور مثل إطار الغربال و هو الدائر به و قيل : هو عس يحلب فيه و العس : القدح الضخم و قال اللغوي أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري في كتاب التلخيص له : و العلبة : قدح للأعراب مثل العس و العس يتخذ من جنب جلد البعير و الجمع علاب و قوله : إن الموت سكرات أي شذائد و سكرة الموت شدته
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فإذا كان هذا الأمر قد أصاب الأنبياء و المرسلين و الأولين و المتقين فمالنا عن ذكره مشغولين ؟ و عن الاستعداد له متخلفين ؟ { قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون } قالوا : و ما جرى على الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين من شدائد الموت و سكراته فله فائدتان
إحداهما : أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت و أنه باطن و قد يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة و لا قلقا و يرى سهولة خروج روحه فيغلب على ظنه سهولة أمر الموت و لا يعرف ما الميت فيه ؟ فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم : شدة ألمه مع كرامتهم على الله تعالى و تهونيه على بعضهم قطع الخلق بشدة الموت الذي يعانيه و يقاسيه الميت مطلقا لإخبار الصادقين عنه ما خلا الشهيد قتيل الكفار على ما يأتي ذكره
الثانية : ربما خطر لبعض الناس أن هؤلاء : أحباب الله و أنبياؤه و رسله فكيف يقاسون هذه الشدائد العظيمة ؟ و هو سبحانه قادر أن يخفف عنهم أجمعين كما قال في قصة إبراهيم : أما إنا قد هونا عليك فالجواب : [ أن أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ] كما قال نبينا عليه السلام
خرجه البخاري و غيره فأحب الله أن يبتليهم تكميلا لفضلا لديه و رفعة لدرجاتهم عنده و ليس ذلك في حقهم نقصا و لا عذابا بل هو كما قال كمال رفعة مع رضاهم بجميل ما يجزي الله عليهم فأراد الحق سبحانه أن يختم لهم بهذه الشدائد مع إمكان التخفيف و التهوين عليهم ليرفع منازلهم و يعظم أجورهم قبل موتهم
كما ابتلى إبراهيم بالنار و موسى بالخوف و الأسفار و عيسى بالصحارى و القفاز و نبينا محمدا صلى الله عليه و سلم بالفقر في الدنيا و مقاتلة الكفار كل ذلك لرفعة في أحوالهم و كمال في درجاتهم و لا يفهم من هذا أن الله شدد عليهم أكثر مما شدد على العصاة المخلطين فإن ذلك عقوبة لهم و مؤاخذة على إجرامهم فلا نسبة بينه و بين هذا
فصل : إن قال قائل : كل المخلوقات تجد هذه السكرات ؟ قيل له : قال بعض العلماء قد وجب بحكم القول الصدق و الكلمة الحق أن الكأس مر المذاق و إن قد ذيق و يذاق و لكن ثم فريقان و تقديرات و أوزان و إن الله سبحانه و تعالى لما انفرد بالبقاء وحده لا شريك له و أجرى سنة الهلاك و الفناء على الخلق دونه خالف في ذلك جل جلاله بين المخلوقات و فرق بين المحسوسات بحسب ما خالف بين المنازل و الدرجات فنوع أرضي حيواني إنساني و غير إنساني و فوقه عالم روحاني و ملأ علواني رضواني كل يشرب من ذلك الكأس جرعته و بغتص منه غصته قال الله تعالى : { كل نفس ذائقة الموت }
قال أبوحامد في كتاب الكشف علوم الأخرة : و ثبت ذلك في ثلاثة مواضع من كتابه و إنما أراد سبحانه بالموتات الثلاث للعالمين : فالمتحيز إلى العالم الدنيوي يموت و المتحيز إلى العالم الملكوتي يموت و المتحيز إلى العالم الجبروتي يموت فالأول آدم و ذرتيه و جميع الحيوان على ضروبه و الملكوتي و هو الثاني أصناف الملائكة و الجن و أهل الجبروت هم المصطفون من الملائكة
قال الله تعالى : { الله يصطفي من الملائكة رسلا و من الناس } فهم كروبيون و حملة العرش و أصحاب سر دقات الجلال كما وصفهم الله في كتابه و أثنى عليهم حيث يقول { و من عنده لا يستكبرون عن عبادته و لا يستحسرون * يسبحون الليل و النهار لا يفترون } و هم أهل حضرة القدس المعنيون بقوله تعالى : { لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } و هم يموتون على هذه المكانة من الله تعالى و القربة و ليس زلفاهم بمانع لهم من الموت قال ابن قسي : و كما تفرقت الطرق بهذه العوالم كذلك تفرقت طرقت الإحساسات في اجتراع الغصص و المرارات فإحساس روحاني للروحانيات كما يجده النائم في سنته أو الغصة الوجيعة تغصه في نومته فيغص منها في حال رقدته و يتململ ذلك إلى حين يقتظه حتى إذا استيقظ لم يجده شيئا و وجد الإنس عنده فأزال ألمه و وافاه أمانه و نعمه و إحساس علوي قدسي كما يجده الوسنان الروحانية و هو ما لا يدركه العقل البشري إلا توهما و لا يبلغه التحصيل إلا تخيلا و توسما و إحساس بشري سفلي إنسي و جني و هو ما لا يكاد أن توصف شدائده و غصصه فكيف و قد قالوا بالغصة الواحدة منه كألف ضربة السيف فما عسى أن ينعت و يوصف و هذا الذي لا يمكن أن يعرف ؟ و الخلق أيضا في هذا الإحساس فرق يختلفون باختلاف المنازل و الطرق فالفرقة الإسلامية في نفسها لا تجد منه غير الإسلامية ثم الإسلامية نفسها لا تجد منه النبوية كما تجد التبعية ثم النبوية في ذاتها و مقاماتها إحساساتها تختلف على حكم الكلمة و صدق القيا باختلاف التقديم و التفضيل قال الله تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله و رفع بعضهم درجات } الآية و قد نبهت الخلة الذاتية عزت سبحاتها و تقدست صفاتها على صفة ذلك عن إبراهيم و أشارت إلى تهوين الأمر عليه و تبين ما خفف عنه صلوات الله و سلامه عليه فقال : أما إنا قد هونا عليك يا إبراهيم و ما وصفه الحق جل جلاله بالهون فلا أهون منه كما ما كبره و عظمه فلا أكبر و لا أعظم منه و لا فرق بين أن قال : موتا هينا و ملكا عظيما كبيرا و قال في نعيم الجنة { و إذا رأيت ثم رأيت نعيما و ملكا كبيرا } فكما أنه لا أكبر من ملك الجنة كذلك لا هون من موت الخلة و الله أعلم
فصل : إذا ثبت ما ذكرناه فاعلم : أن الموت هو الخطب الأفظع و الأمر الأشنع و الكأس التي طعمها أكره و أبشع و أنه الحارث الأهذم للذات و الأقطع للراحات و الأجلب للكريهات فإن أمرا يقطع أوصالك و يفرق أعضاءك و يهدم أركانك لهو الأمر العظيم و الخطب الجسيم و إن يومه لهو اليوم العظيم
و يحكى أن الرشيد لما اشتد مرضه أحضر طبيبا طوسيا فارسيا و أمر أن يعرض عليه ماؤه أي بوله مع مياه كثيرة لمرضى و أصحاء فجعل يستعرض القوارير حتى رأى قارورة الرشيد فقال : قولوا : لصاحب هذا الماء يوصي فإنه قد انحلت قواه و تداعت بنيته و لما استعرض باقي المياه أقيم فذهب فيئس الرشيد من نفسه و أنشد :
( إن الطيب بطبه و دوائه ... لا يستطيع دفاع نحب قد أتى )
( ما للطبيب يموت بالداء الذي ... قد كان أبرأ مثله فيما مضى )
( مات المداوي و المداوى ... و الذي جلب الدواء أو باعه و من اشترى )
و بلغه أن الناس أرجفوا بموته فاستدعى حمارا و أمر أن يحمل عليه فاسترحت فخذاه فقال : أنزلوني صدق المرجفون و دعا بأكفان فتخير منها ما أعجبه و أمر فشق له قبر أمام فراشه ثم اطلع فيه فقال : ما أغنى عني مالية هلك عني سلطانية فمات من ليلته فما ظنك ـ رحمك الله ـ بنازل ينزل بك فيذهب رونقك و بهاك و يغير منظرك و رؤياك و يمحو صورتك و جمالك و يمنع من اجتماعك و اتصالك و يردك بعد النعمة و النضرة و السطوة و القدرة و النخوة و العزة إلى حالة يبارد فيها أحب الناس إليك و أرحمهم بك و أعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك حجرها و صيدانها فتحكم فيك هوامها و ديدانها ثم بعد ذلك تمكن منك الأعدام و تختلط بالرغام و تصير ترابا توطأ بالأقدام و ربما ضرب منك الإناء فخار أو أحكم بك بناء جدار أو طلي بك محس ما أو موقد نار
كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه يأتي بإناء ماء ليشرب منه فأخذه بيده و نظر إليه و قال : الله أعلم كم فيك من عين كحيل و خذ أسيل
و يحكى أن رجلين تنازعا و تخاصما في أرض فأنطلق الله عزوجل لبنة من حائط من تلك الأرض فقالت : يا هذان فيم تتنازعان ؟ و فيم تتخاصمان ؟ إني كنت ملكا من الملوك ملكت كذا و كذا سنة ثم مت و صرت ترابا فبقيت كذلك ألف سنة ثم أخذني خزاف ـ يعني فخارا فعمل مني إناء فاستعملت حتى تكسرت ثم عدت ترابا فبقيت ألف سنة ثم أخذني رجل فضرب مني لبنة فجعلني في هذا الحائط ففيم تنازعكما و فيم تخاصمكما ؟
قلت : و الحكايات في هذا المعنى و الوجود شاهد بتجديد ما دثر و تغيير ما غير و عن ذلك أن يكون الحفر و الإخراج و اتخاذ الأواني و بناء الأبراج و لقد كنت في زمن الشباب أنا و غيري ننقل التراب على الدواب من مقبرة عندنا تسمى بمقبرة اليهود خارج قرطبة و قد اختلط بعظام من هناك و عظمهم و لحومهم و شعورهم و أبشارهم إلى الذيم يصنعون القرمد للشقف
قال علماؤنا رضوان الله عليهم : و هذا التغير إنما يحل بجسدك و ينزل ببدنك لا بروحك لأن الروح لها حكم آخر و ما مضى منك فغير مضاع و تفرقة لا تمنع من الاجتماع قال الله تعالى : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم و عندنا كتاب حفيظ } و قال : { فما بال القرون الأولى * قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي و لا ينسى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:12 pm

*باب الموت كفارة لكل مسلم*
----------------------------------


أبو نعيم [ عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الموت كفارة لكل مسلم ] ذكره القاضي أبو بكر ابن العربي في سراج المريدين له و قال : فيه حديث صحيح حسن
فصل : إنما كان الموت كفارة لكل ما يلقاه الميت في مرضه من الآلام و الأوجاع و قد قال صلى الله عليه و سلم : [ ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ] خرجه مسلم
و في الموطأ [ عن أبي هريرة : عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يرد الله به خيرا يصب منه ] و في الخبر المأثور يقول الله تعالى : [ إني لا أخرج أحدا من الدنيا و أنا أريد أن أرحمه حتى أوفيه بكل خطيئة كان عملها : سقما في جسده و مصيبة في أهله و ولده و ضيقا في معاشه و إفتارا في رزقه حتى أبلغ منه مثاقيل الذر فإن بقي عليه شيء شددت عليه الموت حتى يفضي إلى كيوم ولدته أمه ]
قلت : و هذا بخلاف من لا يحبه و لا يرضاه كما في الخبر يقول الله تعالى : [ وعزتي و جلالي لا أخرج من الدنيا عبدا أريد أن أعذبه حتى أعذبه حتى أوفيه يكل حسنة عملها بصحة في جسده و سعة في رزقه و رغد في عيشه و أمن في سربه حتى أبلغ منه مثاقيل الذر فإن بقي له شيء هونت عليه الموت حتى يفضي إلي و ليس له حسنة يتقي بها النار ]
قلت : و في مثل هذا المعنى ما خرجه أبو داود بسند صحيح فيما ذكر أبو الحسن بن الحصار [ عن عبيد بن خالد السلمي و كانت له صحبة عن النبي صلى الله عليه و سلم : موت الفجأة أخذة أسف للكافر ] و رواه أيضا مرسلا
و روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها : إنها راحة للمؤمن و أخذه أسف للكافر
و روى عن ابن عباس أن داود عليه السلام مات فجأة يوم السبت و عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : [ إذا بقي على المؤمن من ذنوبه شيء لم يبلغه بعمله شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت و شدائده درجته من الجنة و إن الكافر إذا كان قد عمل معروفا في الدنيا هون عليه الموت ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا ثم يصير إلى النار ] ذكره أبو محمد عبد الحق
و خرج أبو نعيم الحافظ [ من حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نفس المؤمن تخرج رشحا و إن نفس الكافر تسل كما تسل نفس الحمار و إن المؤمن ليعمل الخطيئة فيشدد بها عليه عند الموت ليكفر بها عنه و إن الكافر ليعمل الحسنة فيسهل عليه عند الموت ليجزي بها ] ذكره أبو محمد عبد الحق و ذكر ابن المبارك أن أبا الدرداء رضي الله عنه ـ قال : [ أحب الموت اشتياقا إلى ربي و أحب المرض تكفيرا لخطيئتي و أحب الفقر تواضعا لربي عز و جل ]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:12 pm

باب لا يموت أحد و هو يحسن بالله الظن و في الخوف من الله تعالى
----------------------------------
مسلم [ عن جابر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قبل وفاته بثلاثة أيام : لا يموتن أحدكم إلا و هو يحسن الظن بالله ] أخرجه البخاري
و ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن بالله و زاد : فإن قوما قد أرادهم سوء ظنهم بالله فقال لهم تبارك و تعالى : { و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين }
ابن ماجه [ عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل على شاب و هو في الموت فقال : كيف تجدك ؟ فقال : أرجو الله يا رسول الله و أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن في مثل هذا الموطن إلا عطاء الله ما يرجو و أمنه مما يخاف ] ذكره ابن أبي الدنيا أيضا و خرجه الترمذي و قال : هذا حديث حسن غريب
و قد روى بعضهم هذا الحديث عن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسلا
و ذكر الترمذي الحكيم في الأصل السادس و الثمانين من نوادر الأصول : [ حدثنا يحيى بن حبيب عن عدي قال حدثنا بشر المفضل عن عوف عن الحسن أنه قال : بلغني عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : قال ربكم عز و جل : لا أجمع على عبدي خوفين و لا أجمع له أمنين فمن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة و من أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة ]
[ حدثنا أبو بكر بن سابق الأموي قال أبو مالك الجنبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يذكر من مناجاة موسى عليه السلام أنه قال : يا موسى إنه لن يلقاني عبد لي في حاضر القيامة إلا فتشته عما في يديه إلا ما كان من الورعين فإني أستحييهم و أجلهم فأكرمهم فأدخلهم الجنة بغير حساب ] فمن استحيى من الله تعالى في الدنيا مما صنع استحيى الله تعالى من تفتيشه و سؤاله و لم يجمع عليه حياءين كما لا يجمع عليه خوفين
فصل : حسن الظن بالله تعالى ينبغي أن يكون أغلب على العبد عند الموت منه في حال الصحة و هو أن الله تعالى يرحمه و يتجاوز عنه و يغفر له و ينبغي لجلسائه أن يذكروه بذلك حتى يدخل في قوله تعالى : [ أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ]
و روى حماد بن سلمة [ عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يموتن أحدكم حتى يحسن الظن بالله فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة ]
و روى عن ابن عمر أنه قال : [ عمود الدين و غاية مجده و ذروة سنامة : حسن الظن بالله فمن مات منكم و هو يحسن الظن بالله : دخل الجنة مدلا ] أي منبسطا لا خوف عليه
و قال عبد الله بن مسعود : [ و الله الذي لا إله إلا غيره لا يحسن أحد الظن بالله إلا أعطاه الله ظنه و ذلك أن الخير بيده ]
و ذكر ابن المبارك قال أخبر سفيان : أن ابن عباس قال : إذا رأيتم بالرجل الموت فبشروه ليلقي ربه و هو حسن الظن به و إذا كان حيا فخوفوه و قال الفضيل : الخوف أفضله من الرجاء ما كان العبد صحيحا فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف
و ذكر ابن أبي الدنيا : قال حدثنا يحيى بن عبد الله بن البصري قال حدثنا سوار بن عبد الله قال حدثنا المعتمر قال : قال أبي حين حضرته الوفاة : يا معتمر حدثني بالرخص لعلي ألقى الله و أنا أحسن الظن به
قال : و حدثنا عمرو بن محمد الناقد قال : حدثنا خلف بن خليفة عن حصين عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند الموت حتى يحسن ظنه بربه عز و جل
و قال ثابت البناني : كان شاب به رهق فلما نزل به الموت انكبت عليه أمه و هي تقول : يا بني قد كنت أحذرك مصرعك هذا قال : يا أماه إن لي ربا كثير المعروف و إني لأرجو اليوم أن لا يعدمني بعض معروفه فقال ثابت : فC يحسن ظنه بالله في حاله تلك
و قال عمر بن ذر يوما في كلامه ـ و عنده ابن أبي داود و أبو حنيفة ـ أتعذبنا و في أجوافنا التوحيد ؟ لا أراك تفعل اللهم اغفر لمن لم يزل على مثل حال السحرة في الساعات التي غفرت لهم فإنهم قالوا : { آمنا برب العالمين } فقال أبو حنيفة : رحمك الله القصص بعدك حرام و كان يحيى بن زكريا إذا لقي عيسى بن مريم عليهما السلام : عبس و إذا لقيه عيسى تبسم فقال له عيسى : تلقاني عابسا كأنك آيس ؟ فقال له يحيى : تلقائي ضاحكا كأنك آمن ؟ فأوحى الله تبارك و تعالى إليهما : إن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي ذكره الطبري
و قال زيد بن أسلم : [ يؤتي بالرجل يوم القيامة فيقال : انطلقوا به إلى النار فيقول : يا رب فأين صلاتي و صيامي ؟ فيقول الله تعالى : اليوم أقنطك من رحمتي كما كنت تقنط عبادي من رحمتي ]
و في التنزيل : قال : { و من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون } و سيأتي لهذا الباب مزيد بيان في باب سعة رحمة الله و عفوه يوم القيامة إن شاء الله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:13 pm

باب تلقين الميت لا إله إلا الله
-------------------------------
مسلم [ عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ] و ذكر ابن أبي الدنيا [ عن زيد بن أسلم قال : قال عثمان بن عفان : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا احتضر الميت فلقنوه لا إله إلا الله فإنه ما من عبد يختم له بها موته إلا كانت زاده إلى الجنة ] و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : احضروا موتاكم و لقنوهم : لا إله إلا الله و ذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون
و ذكر أبو نعيم [ من حديث مكحول عن إسماعيل بن عياش بن أبي معاذ عتبة ابن حميد عن مكحول عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم : احضروا موتاكم و لقنوهم لا إله إلا الله و بشروهم بالجنة فإن الحكيم من الرجال يتحير عند ذلك المصرع و إن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع و الذي نفسي بيده لمعانية ملك الموت أشد من ألف ضربة السيف و الذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عرق منه على حياله ] غريب من حديث مكحول لم نكبته إلا من حديث إسماعيل
فصل : قال علماؤنا : تلقين الموتى هذه الكلمة سنة مأثورة عمل بها المسلمون و ذلك ليكون آخر كلامهم لا إله إلا الله فيختم له بالسعادة و ليدخل في عموم [ قوله عليه السلام من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ] أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه صححه أبو محمد عبد الحق و لينبه المحتضر على ما يدفع به الشيطان فإنه يتعرض للمحتضر ليفسد عليه عقيدته على ما يأتي
فإذا تلقهنا المحتضر و قالها مرة واحدة فلا تعاد عليه ليلا بفجر و قد كره أهل العلم الإكثار من التلقين و الإلحاح عليه إذا هو تلقنها أو فهم ذلك عنه قال ابن المبارك : لقنوا الميت لا إله إلا الله فإذا قالها فدعوه قال أبو محمد عبد الحق : و إنما ذلك لأنه يخاف عليه إذا لج عليه بها أن يتبرم و يضجر و يثقلها الشيطان عليه فيكون سببا لسوء الخاتمة و كذلك أمر ابن المبارك أن يفعل به قال الحسن بن عيسى : قال لي ابن المبارك : لقني ـ يعني الشهادة ـ و لا تعد علي إلا أن أتكلم بكلام ثان و المقصود أن يموت الرجل و ليس في قلبه إلا الله عز و جل لأن المدار على القلب و عمل القلب هو الذي ينظر فيه و تكون النجاة به و أما حركة اللسان دون أن تكون ترجمة عما في القلب فلا فائدة فيها و لا عبر عندها
قلت : و قد يكون التلقين بذكر الحديث عند الرجل العالم كما ذكر أبو نعيم أن أبا زرعة كان في السوق و عنده أبو حاتم و محمد بن سلمة و المنذر بن شاذان و جماعات من العلماء فذكروا حديث التلقين فاستحيوا من أبي زرعة فقالوا : يا أصحابنا تعالوا نتذاكر الحديث فقال محمد بن سلمة : حدثنا ضحاك بن مخلد حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب و لم يجاوزه و قال أبو حاتم : حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب و لم يجاوزه و الباقوت سكوت فقال أبو زرعة و هو في السوق : [ حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب عن كثير بن مرة الحضرمي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ] و في رواية [ حرمه الله على النار ] و توفي رحمه الله
و يروى عن عبد الله بن شبرمة أنه قال : دخلت مع عامر الشعبي على مريض نعوده فوجدناه لما و رجل يلقنه الشهادة و يقول له : لا إله إلا الله و هو يكثر عليه فقال له الشعبي ارفق به فكلم المريض و قال : إن تلقني أو لا تلقني فإني لا أدعها ثم قرأ { و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها } فقال الشعبي الحمد لله الذي نجى صاحبنا هذا و قيل للجنيد رحمه الله عند موته : قل لا إله إلا الله فقال ما نسيته فأذكره
قلت : لا بد من تلقين الميت و تذكيره الشهادة و إن كان على غاية من التيقظ فقد ذكر أبو نعيم الحافظ [ من حديث مكحول عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم : احضروا موتاكم و لقنوهم : لا غله إلا الله و بشروهم بالجنة فإن الحكيم من الرجال و النساء يتحير عند ذلك المصرع و إن الشيطان أقرب من ابن آدم عند ذلك المصرع و الذي نفسي بيده لمعانية ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف و الذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عضو منه على حياله ]
و روي عن أبي هريرة قال : [ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : حضر ملك الموت رجلا قال : فنظر في قلبه فلم يجد فيه شيئا ففك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه يقول لا إله إلا الله فغفر له بكلمة الإخلاص ]
ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين بإسناده و خرجه الطبراني بمعناه و سيأتي في آخر أبواب الجنة إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:14 pm

باب من حضر الميت فلا يلغو و ليتكلم بخير و كيف الدعاء للميت إذا مات و في تغميضه
------------------------------------
مسلم [ عن أم سلمة رضي الله عنه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذ حضرتم المريض أو الميت فقولوا : خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ] قالت : [ فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله : إن أبا سلمة قد مات فقال : قولي : اللهم اغفر لي و له و أعقبني منه عقبى حسنة قالت : فقلت فأعقبني الله من هو خير منه : رسول الله صلى الله عليه و سلم ]
و عنها قالت : [ دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة و قد شق بصره فأغمضه ثم قال : إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة و ارفع درجته في المهديين و اخلفه في عقبه في الغابرين و اغفر لنا و له يا رب العالمين و افسح له في قبره و نور له فيه ]
فصل : قال علماؤنا : قوله عليه السلام : [ إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا ] أمر ندب و تعليم بما يقال عند المريض أو الميت و إخبار بتأمين الملائكة على دعاء من هناك و لهذا استحب العلماء : أن يحضروا الميت الصالحون و أهل الخير حالة موته ليذكروه و يدعوا له و لمن يخلفه و يقولوا خيرا فيجتمع دعاؤهم و تأمين الملائكة فينتفع بذلك الميت و من يصاب به و من يخلفه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:14 pm

باب منه و ما يقال عند التغميض
------------------------------------
ابن ماجه [ عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا حضرتم مؤتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح و قولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما قال أهل الميت ] و ذكر الخرائطي أبو بكر محمد بن جعفر قال : حدثنا أبو موسى عمران بن موسى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا إسماعيل ابن علية عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم الحسن قالت : كنت عند أم سلمة فجاءها إنسان فقال فلان بالموت فقالت لها انطلقي فإذا احتضر فقولي السلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين و خرج من حديث سفيان الثوري عن سليمان التيمي عن بكر ابن عبد الله المزني قال : إذا غمضت الميت فقل بسم الله و على ملة رسول الله صلى الله عليه و سلم و سبح ثم تلا سفيان { و الملائكة يسبحون بحمد ربهم } قال أبو داود : تغميض الميت إنما هو بعد خروج الروح سمعت محمد ابن أحمد المقري قال سمعت أبا ميسرة و كان رجلا عابدا يقول : غمضت جعفر المعلم و كان رجلا عاقلا في حالة الموت فرأيته في منامي يقول : أعظم ما كان علي تغميضك قبل أن أموت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:15 pm

باب ما جاء أن الميت يحضر الشيطان عند موته و جلساؤه في الدنيا و ما يخاف من سوء الخاتمة
-----------------------------------
[ روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان الواحد عن يمينه و الآخر عن شماله فالذي عن يمينه على صفة أبيه يقول له : يا بني إني كنت عليك شفيقا و لك محبا و لكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان و الذي على شماله على صفة أمه تقول له : يا بني إنه كان بطني لك وعاء و ثديي لك سقاء و فخذي لك وطاء و لكن مت على دين اليهود و هو خير الأديان ] ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له و ذكر معناه أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة و إن عند استقرار النفس في التراقي و الارتفاع تعرض عليه الفتن و ذلك أن إبليس قد أنفذ أعوانه إلى هذا الإنسان خاصة و استعملهم عليه و وكلهم به فيأتون المرء و هو على تلك الحال فيتمثلون له في صورة من سلف من الأحباب الميتين الباغين له النصح في دار الدنيا كالأب و الأم و الأخ و الأخت و الصديق الحميم فيقولون له : أنت تموت يا فلان و نحن قد سبقناك في هذا الشأن فمت يهوديا فهو الدين المقبول عند الله تعالى فإن انصرم عنهم و أبي جاءه آخرون و قالوا له : مت نصرانيا فإنه دين المسيح و قد نسخ الله به دين موسى و يذكرون له عقائد كل ملة فعند ذلك يزيغ الله من يريد زيغه و هو معنى قوله تعالى : { ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة } أي لا تزغ قلوبنا عند الموت و قد هديتنا من قبل هذا زمانا فإذا أراد الله بعبده هداية و تثبيتا جاءته الرحمة و قيل : هو جبريل عليه السلام فيطرد عنه الشياطين و يمسح الشحوب عن وجهه فيبتسم الميت لا محالة و كثير من يرى متبسما في هذا المقام فرحا بالبشير الذي جاءه من الله تعالى فيقول : يا فلان أما تعرفني ؟ أنا جبريل و هؤلاء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية و الشريعة الجليلة فما شيء أحب إلى الإنسان و أفرح منه بذلك الملك و هو قوله تعالى : { و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } ثم يقبض عند الطعنة على ما يأتي
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حضرت وفاة أبي أحمد و بيدي الخرقة لأشد لحييه فكان يغرق ثم يفيق و يقول بيده : لا بعد لا بعد فعل هذا مرارا فقلت له : يا أبت أي شيء ما يبدو منك ؟ فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول : يا أحمد فتني و أنا أقول لا بعد لا حتى أموت
قلت : و قد سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة و قد احتضر فقيل له : قل : لا إله إلا الله فكان يقول : لا لا فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال : أتاني شيطانان عن يميني و عن شمالي يقول أحدهما : مت يهوديا فإنه خير الأديان و الآخر يقول : مت نصرانيا فإنه خير الأديان فكنت أقول لهما : لا لا إلي تقولان هذا ؟ و قد كتبت بيدي في كتاب الترمذي و النسائي عن النبي صلى الله عليه و سلم [ إن الشيطان يأتي أحدكم عند موته فيقول : مت يهوديا مت نصرانيا ] فكان الجواب لهما لا لكما
قلت : و مثل هذا عن الصالحين كثير يكون الجواب للشيطان لا لمن يلقنه الشهادة و قد تصفحت كتاب الترمذي أبي عيسى و سمعت جميعه فلم أقف على هذا الحديث فيه فإن كان في بعض النسخ فالله أعلم
و أما كتاب النسائي فسمعت بعضه و كان عندي كثير منه فلم أقف عليه و هو نسخ فيحتمل أن يكون في بعضها و الله أعلم
و روى ابن المبارك و سفيان عن ليث عن مجاهد قال : ما من ميت إلا تعرض عليه أهل مجالسه الذين كان يجالس إن كان أهل لهو فأهل لهو و إن كانوا أهل ذكر فأهل ذكر
و قال الربيع بن شبرة بن معبد الجهني و كان عابدا بالبصرة : أدركت الناس بالشام و قيل لرجل : يا فلان قل : لا إله إلا الله قال : اشرب و اسقني و قيل لرجل بالأهواز يا فلان قل : لا إله إلا الله فجعل يقول : ده يازده دوازده تفسيره : عشرة أحد عشرة اثنا عشر كان هذا الرجل من أهل العمل و الديوان فغلب عليه الحساب و الميزان ذكر هذا التفسير أبو محمد عبد الحق قال الربيع : و قيل لرجل ها هنا بالبصرة يا فلان قل : لا إله إلا الله فجعل يقول :
( يا رب قائلة يوما و قد لغبت ... أين الطريق إلى حمام منجاب )
قال الفقيه أبو بكر أحمد بن سليمان بن الحسن النجاد : هذا رجل قد استدلته امرأة إلى الحمام فدلها إلى منزله فقاله عند الموت
و ذكر أبو محمد عبد الحق هذه الحكاية في كتاب العاقبة له فقال : و هذا الكلام له قصة و ذلك أن رجلا كان واقفا بإزاء داره و كان بابه يشبه باب حمام فمرت به جارية لها منظر و هي تقول : أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فقال لها : هذا حمام منجاب و أشار إلى داره فدخلت الدار و دخل وراءها فلما رأت نفسه معه في دار و ليس بحمام علمت أنه خدعها أظهرت له البشر و الفرح باجتماعها معه على تلك الخلوة و في تلك الدار و قالت له : يصلح معنا ما نطيب به عيشنا و تقر به أعيننا فقال لها : الساعة آتيك بكل ما تريدين و بكل ما تشتهين فخرج و تركها في الدار و لم يقفلها و تركها محلولة على حالها و مضى فأخذ ما يصلح لهما و رجع و دخل الدار فوجدها قد خرجت و ذهبت و لم يجد لها أثرا فهام الرجل بها و أكثر الذكر لها و الجزع عليها و جعل يمشي في الطرق و الأزقة و هو يقول :
( يا رب قائلة يوما قد لغبت ... أين الطريق إلى حمام منجاب )
و إذا بجارية تجاوبه من طاق و هي تقول :
( هلا جعلت لها لما ظفرت بها ... حرزا على الدار أو قفلا على الباب )
فزاد هيمانه و اشتد هيجانه و لم يزل كذلك حتى كان من أمره ما ذكر فنعوذ بالله من المحن و الفتن
قلت : و مثل هذا في الناس كثير ممن غلب عليه الاشتغال بالدنيا و الهم بها أو سبب من أسبابها حتى لقد حكي لنا أن بعض السماسرة جاء عنده الموت فقيل له : قل : لا إله إلا الله فجعل يقول : ثلاثة و نصف أربعة و نصف غلبت عليه السمسرة
و لقد رأيت بعض الحساب و هو في غاية المرض يعقد بأصابعه و يحسب و قيل لآخر : قل : لا إله إلا الله فجعل يقول : الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا و الجنان الفلاني اعملوا فيها كذا و قيل لآخر : قل : لا إله إلا الله فجعل يقول : عقلك الحمارة و قيل لآخر : قل : لا إله إلا الله فجعل يقول : البقرة الصفراء غلب عليه حبها و الاشتغال بها نسأل الله السلامة و الممات على الشهادة بمنه و كرمه
و لقد حكى ابن ظفر في كتاب النصائح له قال : كان يونس بن عبيد [ رحمه الله تعالى ـ بزازا و كان لا يبيع في طرفي النهار و لا في يوم غيم فأخذ يوما ميزانه فرضه بين حجرين فقيل له : هلا أعطيته الصانع فأصلح فساده ؟ فقال : لو علمت فيه فسادا لما أبقيت من مالي قوت ليلة قيل له : فلم كسرته ؟ قال : حضرت الساعة رجلا احتضر فقلت له : قل : لا إله إلا الله فامتعض فألححت عليه فقال : ادع الله لي فقال : هذا لسان الميزان على لساني يمنعني من قولها قلت : أفما يمنعك إلا من قولها ؟ فقال : نعم قلت : و ما كان عملك به ؟ قال : ما أخذت و لا أعطيت به إلا حقا في علمي غير أني كنت أقيم المدة لا أفتقده و لا أحتبره فكان يونس بعد ذلك يشترط على من يبايعه أن يأتي بميزان و يزن بيده و إلا لم يبايعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:16 pm

باب ما جاء في سوء الخاتمة و ما جاء أن الأعمال بالخواتيم
---------------------------------------
مسلم [ عن أبي هريرة عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الرجل ليعمل الزمان الطويل يعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار و إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له بعمل أهل الجنة ]
و في البخاري [ عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن العبد ليعمل عمل أهل النار و إنه من أهل الجنة و يعمل عمل أهل الجنة و إنه من أهل النار و إنما الأعمال بالخواتيم ]
قال أبو محمد عبد الحق : اعلم أن سوء الخاتمة ـ أعاذنا الله منها ـ لا تكون لمن استقام ظاهره و صلح باطنه ما سمع بهذا و لا علم به ـ الحمد لله ـ و إنما تكون لمن كان له فساد في العقل أو إصرار على الكبائر و إقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة و يختطفه عند تلك الدهشة و العياذ بالله ثم العياذ بالله أو يكون ممن كان مستقيما ثم يتغير عن حاله و يخرج عن سننه و يأخذ في طريقه فيكون ذلك سببا لسوء خاتمه و شؤم عاقبته كإبليس الذي عبد الله فيما يروى ثمانين ألف سنة و بلعام بن باعوراء الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها بخلوده إلى الأرض و اتباع هواه و برصيصا العابد الذي قال الله في حقه { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر }
و يروى : أنه كان بمصر رجل ملتزم مسجدا للأذان و الصلاة و عليه بهاء العبادة و أنوار الطاعة فرقي يوما المنارة على عادته للأذان و كان تحت المنارة دار لنصراني ذمي فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار فافتتن بها و ترك الأذان و نزل إليها و دخل الدار فقالت له : ما شأنك ما تريد ؟ فقال : أنت أريد قالت : لماذا ؟ قال لها : قد سلبت لبي و أخذت بمجامع قلبي قالت : لا أجيبك إلى ريبة قال لها : أتزوجك قالت له : أنت مسلم و أنا نصرانية و أبي لا يزوجني منك قال لها : أتنصر قالت : إن فعلت أفعل فتنصر ليتزوجها و أقام معها في الدار فلما كان في أثناء ذلك اليوم رقي إلى سطح كان في الدار فسقط منه فمات فلا هو بدينه و لا هو بها فنعوذ بالله ثم نعوذ بالله من سوء العاقبة و سوء الخاتمة
و يروى أن رجلا علق بشخص و أحبه فتمنع عنه و اشتد نفاره فاشتد كلف البائس إلى أن لزم الفراش فلم تزل الوسائط تمشي بينهما حتى وعد بأن يعود فأخبر بذلك ففرح و اشتد فرحه و سروره و انجلى عنه بعض ما كان يجده فلما كان في بعض الطريق رجع و قال : و الله لا أدخل مداخل الريب و لا أعرض بنفسي لمواقع التهم فأخبر بذلك البائس المسكين فسقط في يده و رجع إلى أسوأ ما كان به و بدت علامات الموت و أمارته عليه
قال الراوي : فسمعته يقول و هو في تلك الحال :
( سلام يا راحة العليل ... و برد ذل الدنف النحيل )
( رضاك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل )
قال : فقلت له : يا فلان اتق الله تعالى فقال : قد كان ما كان فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت قد قامت عليه فنعوذ بالله من سوء العاقبة و شؤم الخاتمة
قال المؤلف رحمه الله : [ روى البخاري عن سالم عن عبد الله قال : كان كثيرا ما كان النبي يحلف : لا و مقلب القلوب ] و معناه يصرفها أسرع من مر الريح على اختلاف في القبول و الرد و الإرادة و الكراهية و غير ذلك من الأوصاف و في التنزيل { و اعلموا أن الله يحول بين المرء و قلبه } قال مجاهد : المعنى يحول بين المرء و عقله حتى لا يدري ما يصنع بيانه : { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب } أي عقل و اختار الطبري أن يكون ذلك إخبارا من الله تعالى بأنه أملك لقلوب العباد منهم و أنه يحول بينهم و بينها إذا شاء حتى لا يدرك الإنسان شيئا إلا بمشيئة الله عز و جل
و قالت عائشة رضي الله عنها : [ كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك فقلت : يا رسول الله إنك تكثر أن تدعو بهذا الدعاء فهل تخشى ؟ قال : و ما يؤمنني يا عائشة و قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الجبار إذا أراد أن يقلب قلب عبده قلب ]
قال العلماء : و إذا كانت الهداية إلى الله مصروفة و الإستقامة على مشيته موقوفة و العاقبة مغيبة و الإرادة غير مغالبة فلا تعجب بإيمانك و عملك و صلاتك و صومك و جميع قربك فإن ذلك و إن كان من كسبك فإنه من خلق ربك و فضله الدار عليك و خيره فمهما افتخرت بذلك كنت كالمفتخر بمتاع غيره و ربما سلب عنك فعاد قلبك من الخير أخلى من جوف البعير فكم من روضة أمست و زهرها يانع عميم فأصبحت و زهرها يابس هشيم إذ هبت عليها الريح العقيم كذلك العبد يمسي و قلبه بطاعة الله مشرق سليم فيصبح و هو بمعصية مظلم سقيم ذلك فعل العزيز الحكيم الخلاق العليم
روى النسائي عن عثمان رضي الله عنه قال : [ اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل ممن كان قبلكم تعبد فعلقت امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له : إنا ندعوك للشهادة فانطلق مع جاريتها فطفقت الجارية كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضت إلى امرأة وضيئة أي جميلة عندها غلام و باطية خمر فقالت : إني و الله ما دعوتك للشهادة و لكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمر كأسا أو تقتل هذا الغلام قال فاسقني من هذه الخمر ؟ فسقته كأسا قال : زيدوني فلم يزل يشرب حتى وقع عليها و قتل الغلام فاجتنبوا الخمر فإنه و الله لا يجتمع الإيمان و إدمان الخمر إلا ليوشك أن يخرج أحدهما صاحبه ]
و يروى أن رجلا أسيرا مسلما و كان حافظا للقرآن خص بخدمة راهبين فحفظا منه آيات كثيرة لكثرة تلاوته فأسلم الرهبان و تنصر المسلم و قيل له : ارجع إلى دينك فلا حاجة لنا فيمن لم يحفظ دينه قال : لا أرجع إليه أبدا فقتل و في الخبر قصته و الحكايات كثيرة في هذا الباب نسأل الله السلامة و الممات على الشهادة
و أنشد بعضهم :
( قد جرت الأقلام في ذي الورى ... بالختم من أمر الحكيم العليم )
( فمن سعيد و شقي و من ... مثر من المال و عار عديم )
( و من عزيز رأسه في السها ... و من ذليل وجهه في التخوم )
( و من صحيح شيدت أركانه ... و آخر واهي المباني سقيم )
( كل على منهاجه سالك ... ذلك تقدير العزيز العليم )
و قال الربيع : سئل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول :
( ما شئت كان و إن لم أشأ ... و ما شئت إن لم تشأ لم يكن )
( خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى و المسن )
( على ذا مننت و هذا خذلت ... و هذا أغنت و ذا لم تعن )
( فمنهم شقي و منهم سعيد ... و منهم قبيح و منهم حسن )
( و منهم غني و منهم فقير ... و كل بأعماله مرتهن )
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:17 pm

باب ما جاء في رسل ملك الموت قبل الوفاة
------------------------------------------
ورد في الخبر : أن بعض الأنبياء عليهم السلام قال لملك الموت عليه السلام : أمالك رسول تقدمه بين يديك ليكون الناس على حذر منك ؟ قال : نعم لي و الله رسل كثيرة من الإعلال و الأمراض و الشيب و الهموم و تغير السمع و البصر فإذا لم يتذكر من نزل به و لم يتب فإذا قبضته ناديته : ألم أقدم إليك رسولا بعد رسول و نذيرا بعد نذير ؟ فأنا الرسول الذي ليس بعدي رسول و أنا النذير الذي ليس بعدي نذير فما من يوم تطلع فيه شمس و لا تغرب إلا و ملك الموت ينادي : يا أبناء الأربعين هذا وقت أخذ الزاد أذهانكم حاضرة و أعضاؤكم قوية شداد يا أبناء الخمسين قد دنا و قت الأخذ و الحصاد با ابناء الستين نسيتم العقاب و غفلتم عن رد الجواب فما لكم من نصير { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير } ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب روضة المشتاق و الطريق إلى الملك الخلاق
و في البخاري [ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال : أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة ] يقال أعذر في الأمر أي بالغ فيه أي اعذر غاية الإعذار بعبده و أكبر الأعذار إلى بني آدم بعثة الرسل إليهم ليتم حجته عليهم { و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } و قال { و جاءكم النذير } قيل : هو القرآن و قيل : هو الرسل إليهم و عن ابن عباس و عكرمة و سفيان و وكيع و الحسين بن الفضل و الفراء و الطبري قالوا : هو الشيب فإنه يأتي في سن الاكتهال فهو علامة لمفارقته سن الصبا الذي هو سن اللهو و اللعب قال :
( رأيت الشيب من نذير المنايا ... لصاحبه و حسبك من نذير )
و قال آخر :
( تقول النفس غير لون هذا ... عساك تطيب في عمر يسير )
( فقلت لها المشيب نذير عمري ... و لست مسودا وجه النذير )
و قال آخر :
( و قائلة : تخضب فالغواني ... نوافر عن معاينة النذير )
و للقاضي منذر بن سعيد البلوطي رحمة الله تعالى عليه :
( كم تصابي و قد علاك المشيب ... و تعامى جهلا و أنت اللبيب )
( كيف تلهو و قد أتاك نذير ... و شباك الحمام منك قريب )
( يا مقيما قد حان منه رحيل ... بعد ذاك الرحيل يوم عصيب )
( إن للموت سكرة فارتقبها ... لا يداويك إذا أتتك طبيب )
( ثم تثوى حتى تصير رهينا ... ثم يأتيك دعوة فتجيب )
( بأمور المعاد أنت عليم ... فاعلمن جاهدا لها يا أريب )
( و تذكر يوما تحاسب فيه ... إن من يذكر الممات ينيب )
( ليس في ساعة من الدهر إلا ... للمنايا عليك فيها رقيب )
( كل يوم ترميك منها بسهم ... إن يخطىء يوما فسوف يصيب )
و له أيضا رضي الله عنه :
( ثلاث و ستون قد جزتها ... فماذا تؤمل أو تنتظر )
( و حل عليك نذير المشيب ... فما ترعوي أو فما تزدجر )
( تمر الليالي مرا حثصيثا ... و أنت على ما ألاى مستمر )
( فلو كنت تعقل ما ينقضي ... من العمر لاعتضت خيرا بشر )
( فما لك ـ ويحك ـ لا تستعد إذن ... لدار المقام و دار المقر )
( أترغب عن فجأة للمنون ... و تعلم أن ليس منها وزر )
( فإما إلى الجنة أزلفت ... و إما إلى سقر تستعر )
و للفقيه أبي عبد الله محمد بن أبي ذمنين رحمة الله تعالى آمين :
( الموت في كل حين ينشر الكفنا ... و نحن في غفلة عما يداوينا )
( لا تطمئن إلى الدنيا و بهجتها ... و إن توشحت من أثوابها الحسنا )
( أين الأحبة و الجيران ما فعلوا ... أين الذين همو كانوا لنا سكنا )
( سقاهم الموت كأسا غير صافية ... فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا )
و روي أن ملك الموت دخل على داود عليه السلام فقال من أنت ؟ فقال من لا يهاب الملوك و لاتمنع منه القصور و لا يقبل الرشا قال : فإذا أنت ملك الموت قال : نعم قال : أتيتني و لم أستعد بعد ؟ قال يا دواد أين فلان قريبك ؟ أين فلان جارك ؟ قال : مات قال أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد و قيل : النذير الحمى و منه قوله صلى الله عليه و سلم [ الحمى نذير الموت ] أي رائد الموت
قال الأزهري معناه أن الحمى رسول الموت أي كأنها تشعر بقدومه و تنذر بمجيئه و قيل : موت الأهل و الأقارب و الأصحاب و الإخوان و ذلك إنذار الرحيل في كل وقت و أوان و حين و زمان
قال :
( و أراك تحملهم و لست تردهم ... و كأني بك قد حملت فلم ترد )
و قيل : كمال العقل الذي تعرف به حقائق الأمور و يفصل به بين الحسنات و السيئات فالعاقل يعمل لآخرته و يرغب فيما عند ربه فهو نذير و النذير بمعنى الإنذار و الإعذار قريب يعضه من بعض و أكبر الإعذار إلى بني آدم بعثه الرسل إليهم ثم الشيب أو غيره كما بينا و جعل الستين غاية الإعذار لأن الستين قريب من معترك المنيا و هو سن الإنابة و الخشوع و الاستسلام لله و ترقب المنية و لقاء الله ففيه إعذار بعد إعذار و إنذار بعد إنذار
الأول : بالنبي صلى الله عليه و سلم
و الثاني : بالشيب و ذلك عند كمال الأربعين قال الله تعالى : { و بلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك } فذكر عز و جل : أن من بلغ الأربعين فقط أن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه و على والديه و يشكرها
قال مالك رحمه الله : أدركت أهل العلم ببلدنا و هم يطلبون الدنيا و يخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس
تنبيه : هذا الباب هو الأصل في إعذار الحكام إلى المحكوم عليه مرة بعد أخرى و كان هذا لطفا بالخلق و لتنفيذ القيام عليهم بالحق
حكي عن بعض العلماء أنه كان يميل إلى الراحات و كثيرا و كان يخلو في بستان له بأصحابه فلا يأذن لأحد سواهم فبينما هو في البستان إذ رأى رجلا يتخلل الشجر فغضب و قال : من أذن لهذا و جاء الرجل فجلس أمامه و قال : ما ترى في رجل ثبت عليه الحق فزعم أن له مدافعة تدفعه عنه ؟ فقال ينظره الحاكم بقدر ما يرى قال السائل : قد ضرب له الحاكم أجلا فلم يأت بمنفعة و لا أقلع عن اللدد و المدافعة : قال يقضي عليه قال فإن الحاكم رفق به و أمهله أكثر من خمسين سنة فأطرق الفقيه و تحدر عرق و جهه و ذهب السائل ثم إن العالم أفاق من فكرته فسأل عن السائل فقال البواب : ما دخل أحد عليكم و لا خرج من عندكم أحد : فقال لأصحابه انصرفوا فما كان يرى بعد ذلك إلا مجلس يذكر فيه العلم
فصل : و قد رأيت أن أصل بهذه الحكاية حكايات في الشيب على سبيل الوعظ و التذكير و التخويف و التحذير حكي عن بعض المترفين أنه رفض ما كان فيه بغتة على غير تدريج فسئل عن السبب فقال ما معناه : كانت لي أمة لا يزيدني طول الاستمتاع منها إلا غراما بها فقلبت شعرها يوما فإذا فيه شعرتان بيضاوان فأخبرتها فارتاعت : و قالت أرني فأريتها : فقالت { جاء الحق و زهق الباطل } ثم نظرت إلي و قالت : أعلم أنه لو لم تفترض علي طاعتك لما أويت إليك فدع لي ليلي أو نهاري لأتزود فيه لآخرتي فقلت لا و لا كرامة فغضبت و قالت : أتحول بيني و بين ربي و قد آذنني بلقائه ؟ اللهم بدل حبه لي بغضا قال : فبت و ماشيء أحب إلي من بعدها عني و عرضتها للبيع فأتاني من أعطاني فيها ما أريد فلما عزمت على البيع بكت فقلت أنت أردت هذا فقالت : و الله ما اخترت عليك شيئا من الدنيا هل لك إلى ما هو خير لك من ثمني ؟ قلت : و ما هو قالت : تعتقني لله عز و جل فإن أملك لك منك لي و أعود عليك منك علي فقلت : قد فعلت فقالت : أمضى الله صفقتك و بلغك أضعاف أملك و تزهدت فبغضت إلى الدنيا و نعيمها
و قال عبد الله بن أبي نوح : رأيت كهلا بمسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يزال يتفض الغبار عن جدرانه فسألت عنه فقيل إنه من ولد عثمان بن عفان رضي الله عنه و أن له أولادا و موالي و نعمة موفورة و أنه اطلع في امرأته فصرخ و جن و لزم المسجد كما ترى و إذا أراد أهله أن يأخذوه ليداووه و يصونه هرب منهم و عاذ بالقبر المكرم فتركوه فرقبته نهارا فلم أرمنه اختلالا و رقبته ليلا فلما ذهب جنح من الليل خرج من المسجد فتبعته حتى أتى البقيع فقام يصلي و يبكي حتى قرب طلوع الفجر فجلس يدعو و جاءت إليه دابة لا أدري أشاة أم ظبية أم غيرها فقامت عنده و تفاجت فالتقم ضرعها فشرب ثم مسح ظهرها و قال : اذهبي بارك الله فيك فولت تهرع فانسللت فسبقته إلى المسجد فأقمت ليالي أخرج بخروجه إلى البقيع و لا يشعر بي و سمعته يقول في مناجاته : اللهم إنك أرسلت إلي و لم تأذن لي فإن كنت قد رضيتني فائذن لي و إن لم ترضني فوفقني لما يرضيك قال : فلما حان رحيلي أتيته مودعا فتهجمني فقلت : أنا صاحبك منذ ليال بالبقيع أصلي بصلاتك و أؤمن على دعائك قال : هل اطلعت على ذلك أحدا ؟ قلت : لا قال : انصرف راشدا قلت : ما الرسول الذي أرسل إليك ؟ قال : اطلعت في المرآة فرأيت شيبة في و جهي فعلمت أنها رسول الله إلي فقلت : ادع لي قال : ما أنا أهل لذلك ولكن تعال نتسول إلى الله برسوله فقمت معه تجاه القبر المكرم فقال ما حاجتك ؟ قلت : العفو فدعا دعاء خفيفا فأمنت ثم مال على جدار القبر فإذا هو ميت فتنحيت عنه حتى فطن الناس له و جاء أولاده و مواليه فاحتملوه و جهزوه و صليت عليه فيمن صلى
و يقال أن ملكا من ملوك اليونان استعمل على ملبسه أمة أدبها بعض الحكماء فألبسته يوما ثيابه و أرته المرآة فرأى في وجهه شعرة بيضاء فاستدعى بالمقراض و قصها فأخذتها الأمة فقبلتها و وضعتها على كفها و أصغت بأذنها إليها فقال لها الملك : إلى أي شيء تصغين ؟ فقالت : إنني أسمع هذه المبتلاة بفقد كرامة قرب الملك تقول قولا عجيبا قال : ما هو ؟ فالت : لا يجترى لساني على النطق به قال : قولي و أنت آمنة ما لزمته الحكمة قالت ما معناه أنها تقول : أيها الملك المسلط إلى أمد قريب إني خفت بطشك بي فلم أظهر حتى عهدت إلى بناتي أن يأخذن بثأري و كأنك بهن قد خرجن عليك فإما أن يعجلن إلفتك بك و إما أن بنقصن شهوتك و قوتك و صحتك حتى تعد الموت غنما فقال : اكتبي كلامك فكتبته فتدبره ثم نبذ ملكه في حديث و هذا المقصود منه و في معناه قيل :
( و زائرة للشيب لاحت بمفرقي ...
فبادرتها خوفا من الحتف بالنتف )
( فقالت : على ضعفي استطعت و وحدتي ...
رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي ) و في الاسرائيليات أن إبراهيم الخليل لما رجع من تقريب ولده إلى ربه عز و جل رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء و مان عليه السلام أول من شاب على وجه الأرض فأنكرتها و أرته إياها فجعل يتأملها و أعجبته و كرهتا سارة و طالبته بإزالتها فأبى فأتاه ملك الموت فقال : السلام عليك يا إبراهيم و كان اسمه ابرام فزاده في اسمه هاء و الهاء في السريانية للتفخيم و التفظيم ففرح بذلك فقال : أشكر إلهي و إله كل شيء فقال له الملك : إن الله قد صيرك معظما في أهل السموات و أهل الأرض و قد و سمك بسمة أهل الوقار في اسمك و في خلقك أم اسمك فإنك تدعى في أهل السماء و أهل الأرض إبراهيم و أما خلقك فقد أنزل وقارا و نورا على شعرك فأخبر سارة بما قال له الملك و قال هذا الذي كرهتيه نور و وقار قالت : إني كارهة له قال : لكني أحبه اللهم زدني نورا و وقارا فأصبح و قد ابيضت لحيته كلها
و في الآثار النبوية : من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة
و روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : [ إن الله ليستحي أن يعذب ذا شيبة ] و الأخبار في هذا الباب كثيرة و كذلك الشعر اكتفينا منه بما ذكرنا و بالله توفيقنا
و قال أعرابي في الشيب و الخضاب :
( يا بؤس من فقد الشباب و غيرت ... منه مفارق رأسه بخضاب )
( يرجو غضارة وجهه بخضابه ... و مصير كل عمارة لخراب )
( شيئان لو بكت الدماء عليهما ... عيناي حتى يؤذنا بذهاب )
( إني وجدت أجل كل مصيبة ... فقد الشباب و فرقة الأحباب )

__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:18 pm

باب متى تنقطع معرفة العبد من الناس و في التوبة و بيانها و في التائب من هو ؟
--------------------------------------------------
ابن ماجه [ عن أبي موسى الأشعري : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم متى تنقطع معرفة العبد من الناس ؟ قال : إذا عاين ]
فصل : قوله : إذا عاين يريد إذا عاين ملك الموت أو الملائكة و الله أعلم و هو معنى قوله عليه السلام في الحديث الآخر : [ إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ] خرجه الترمذي أي عند الغرغرة و بلوغ الروح الحلقوم يعاين ما يصير إليه من رحمة أو هوان و لا تنفع حينئذ توبة و لا إيمان كما قال تعالى في محكم البيان { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } و قال تعالى { و ليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن } فالتوبة مبسوطة للعبد حتى يعاين قابض الأرواح و ذلك عند غرغرته بالروح و إنما يغرغر به إذا قطع الوتين فشخص من الصدر إلى الحلقوم فعندها المعاينة و عندها حضور الموت فاعلم ذلك فيجب على الإنسان أن يتوب قبل المعاينة و الغرغرة و هو معنى قوله تعالى : { ثم يتوبون من قريب }
و قال ابن عباس و السدي : من قريب : قبل المرض و الموت
و قال أبو مجلز و الضحاك و عكرمة و ابن زيد و غيرهم : قبل المعاينة للملائكة و السوق و أن يغلب المرء على نفسه و لقد أحسن محمود الوراق حيث قال : ( قدم لنفسك توبة مرجوة ... قبل الممات و قبل حبس الألسن )
( بادر به غلق النفوس فإنها ... ذخر و غنم للمنيب المحسن )
قال علماؤنا ـ رحمهم الله ـ و إنما صحت منه التوبة في هذا الوقت لأن الرجاء باق و يصح الندم و العزم على ترك الفعل و قيل : المعنى : يتوبون على قرب عهد من الذنب من غير إصرار و المبادرة في الصحة أفضل و ألحق لأمله من العمل الصالح و البعد كل البعد الموت و أما ما كان قبل الموت فهو قريب عن الضحاك أيضا
و عن الحسن : لما هبط إبليس قال : بعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده قال الله تعالى [ و عزتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم تغرغر نفسه ]
و التوبة فرض على المؤمنين باتفاق المسلمين لقوله تعالى : { و توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } و قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا }
و لها شروط أربعة : الندم بالقلب و ترك المعصية في الحال و العزم على أن لا يعود إلى مثلها و أن يكون ذلك حياء من الله تعالى و خوفا منه لا من غيره فإذا اختل شرط من هذه الشروط لم تصح التوبة و قد قيل : من شروطها : الاعتراف بالذنب و كثرة الإستغفار الذي يحل عقد الإصرار و يثبت معناه في الجنان لا التلفظ باللسان فأما من قال بلسانه : أستغفر الله و قلبه مصر على معصيته فاستغفاره ذلك يحتاج إلى استغفار و صغيرته لا حقة بالكبائر
و روي عن الحسن البصري أنه قال : استغفارنا يحتاج إلى استغفار
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : هذا مقوله في زمانه فكيف في زماننا هذا الذي يرى فيه الإنسان مكبا على الظلم حريصا عليه لا يقلع و البحة في يده زاعما أنه يستغفر من ذنبه و ذلك استهزاء منه و استخفاف و هو ممن اتخذ آيات الله هزؤا و في التنزيل { و لا تتخذوا آيات الله هزوا }
و روي عن علي رضي الله عنه أنه رأى رجلا قد فرغ من صلاته و قال : اللهم إني أستغفرك و أتوب إليك سريعا فقال له : يا هذا إن سرعة اللسان بالاستغفار توبة الكذابين و توبتك تحتاج إلى توبة قال يا أمير المؤمنين : و ما التوبة ؟ قال : إسم يقع على ستة معان : على الماضي من الذنوب الندامة و لتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم إلى أهلها و إئاب النفس في الطاعة كما أذابتها في المعصية و إذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية و أن تزين نفسك في طاعة الله كما زينتها في معصية الله و البكاء بدل كل ضحك ضحكته
و قال أبو بكر الوراق : التوبة أن تكون نصوحا و هو أن تضيق عليك الأرض بما رحبت و تضيق عليك نفسك كالثلاثة الذين خلفوا
و قيل : التوبة النصوح هي رد المظالم و استحلال الخصوم و إدمان الطاعات
و قيل : غير هذا و بالجملة فالذنوب التي يثاب منها إما كفر أو غيره فتوبة الكافر إيمانه مع ندمه على سالف كفره و ليس مجرد الإيمان نفس التوبة و غير الكفر : إما حق الله و إما حق لغيره فحق الله تعالى يكفي في التوبة منه الترك غير أن منها ما لم يكتف الشرع فيها بمجرد الترك بل أضاف إلى ذلك في بعضها قضاء كالصلاة و الصوم و منها ما أضاف إليه كفارة كالحنث في الإيمان و غير ذلك و أما حقوق الآدميين فلا بد من إيصالها إلى مستحقيها فإن لم يوجدوا تصدق عنهم و من لم يجد السبيل لخروج ما عليه لإعساره فعفو الله مأمول و فضله مبذول فكم ضمن من التبعات و بدل من السيئات بالحسنات و عليه أن يكثر من الأعمال الصالحات و يستغفر لمن ظلمه من المؤمنين و المؤمنات فهذا الكلام في حقيقة التوبة
و قد روي مرفوعا في صفة التائب من [ حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه و سلم قال و هو في جماعة من أصحابه أتدرون من التائب ؟ قالوا : اللهم لا قال : إذا تاب العبد و لم يرض خصماؤه فليس بتائب و من تاب و لم يغير لباسه فليس بتائب و من تاب و لم يغير مجلسه فليس بتائب و من تاب و لم يغير نفقته و زينته فليس بتائب و من تاب و لم يغير فراشه و وساده فليس بتائب ومن تاب و لم يوسع خلقه فليس بتائب و من تاب و لم يوسع قلبه و كفه فليس بتائب ] ثم قال النبي صلى الله عليه و سلم : [ فإذا تاب عن هذه الخصال فذلك تائب حقا ]
قال العلماء : إرضاء الخصوم يكون بأن يرد عليهم ما غصبهم من مال أو خانهم أو غلهم أو اغتابهم أو خرق أعراضهم أو شتمهم أو سبهم فيرضيهم بما استطاع و يتحللهم من ذلك فإن انقرضوا فإن كان لهم قبله مال رده إلى الورثة و إن لم يعرف الورثة تصدق به عنهم و يستغفر لهم بعد الموت و يدعو : اللهم عوض الذم و الغيبة لا خلاف في هذا و أما تغيير اللباس فهو أن يستبدل ما عليه من الحرام بالحلال و إن كانت ثياب كبر و خيلاء استبدلها بأطمار متوسطة و تغيير المجلس : هو بأن يترك مجالس اللهو و اللعب و الجهال و الأحداث و يجالس العلماء و مجالس الذكر و الفقراء و الصالحين و يتقرب إلى قلوبهم بالخدمة و بما يستطيع و يصافحهم و تغيير الطعام بأن يأكل الحلال و بجانب ما كان من شبهة أو شهوة و يغير أوقات أكله و لا يقصد اللذيذ من الأطعمة و تغيير النفقة هو بترك الحرام و كسب الحلال و تغيير الزينة بترك التزين في الأثاث و البناء و اللباس و الطعام و الشراب و تغيير الفراش بالقيام بالليل عوض ما كان يشغله بالبطالة و الغفلة و المعصية كما قال الله تعالى : { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } و تغيير الخلق هو بأن ينقلب خلقه من الشدة إلى اللين و من الضيق إلى السعة و من الشكاسة إلى السماحة و توسيع القلب يكون بالإنفاق ثقة بالقيام على كل حال و توسيع الكف بالسخاء و الإيثار بالعطاء هكذا يبدل كل ما كان فيه كشرب الخمر بكسره و سقي اللبن و العسل و الزنا بكفالة الأرملة و اليتيمة و تجهيزهما و يكون مع ذلك نادما على ما سلف منه و متحسرا على ما ضيع من عمره فإذا كملت التوبة به على هذه الخصال التي ذكرنا و الشروط التي بينا تقبلها الله بكرمه و أنسى حافظيه و بقاع الأرض خطاياه و ذنوبه قال الله تعالى : { و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدى }
و الأصل في هذه الجملة : حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي قتل مائة نفس ثم سأل : هل له من توبة ؟ فقال له العالم : و من يحول بينك و بينها انطلق إلى أرض بني فلان فإن بها ناسا صالحين يعبدون الله فاعبد الله معهم و لا تعد إلى أرضك فإنها أرض سوء
الحديث أخرجه مسلم في الصحيح و في مسند أبي داود الطيالسي : [ حدثنا زهير بن معاوية عن عبد الكريم الجزري عن زياد و ليس بابن أبي مريم عن عبد الله بن مغفل قال : كنت مع أبي و أنا إلى جنبه عند عبد الله بن مسعود فقال له أبي : أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله عز و جل تاب الله عليه ؟ فقال : نعم سمعته يقول : الندم توبة ]
و في صحيح مسلم و البخاري [ عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه ]
و روى أبو حاتم البستي في المسند الصحيح له [ عن أبي هريرة رضي الله عنه و أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس على المنبر ثم قال : و الذي نفسي بيده ثلاث مرات ثم سكت فأكب كل رجل منا يبكي حزينا ليمين رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال : ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس و يصوم رمضان و يجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى أنها لتصفق ثم تلا { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم } ]
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : فدل القرآن على أن في الذنوب كبائر و صغائر خلافا لمن قال : كلها كبائر حسب ما بيناه في سورة النساء و أن الصغائر كاللمسة و النظرة تكفر باجتناب الكبائر قطعا بوعده الصدق و قوله الحق لا أنه يجب عليه ذلك لكن بضميمة أخرى إلى الاجتناب و هي إقامة الفرائض كما نص عليه الحديث و مثله : ما رواه مسلم [ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ] على هذا جماعة أهل التأويل و جماعة الفقهاء و هو الصحيح في الباب و أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة منها و الإقلاع عنها كما بينا و قد اختلف في تعيينها ليس هذا موضع ذكرها و سيأتي في القصاص و في أبواب النار جملة منها إن شاء الله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:18 pm

باب لا تخرج روح عبد مؤمن أو كافر حتى يبشر و أنه يصعد بها
--------------------------------
ابن المبارك قال : أخبرنا حيوة قال : أخبرني أبو صخر عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك الموت فقال : السلام عليك يا ولي الله الله يقرئك السلام ثم نزع بهذه الآية { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم }
و قال ابن مسعود : إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام
و عن البراء بن عازب في قوله : { تحيتهم يوم يلقونه سلام } فيسلم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه لا يقبض روحه حتى يسلم عليه
و قال مجاهد : إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه
ابن ماجه [ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا : أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب أخرجي حميدة وأبشري روح وريحان ورب راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقولون : فلان بن فلان فيقال : مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة و أبشري بروح و ريحان و رب راض غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله تعالى فإذا كان الرجل السوء قال : اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث أخرجي ذميمة و أبشري بجحيم وغساق لآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال : من هذا ؟ فيقال : فلان فيقال : لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر ] خرجه عن أبي بكر بن أبي شبيبة
قال : حدثنا شبابة بن يسار سوار عن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة و هذا إسناد صحيح ثابت اتفق على رجاله البخاري و مسلم ما عدا ابن أبي شيبة فإنه لمسلم وحده خرجه عبد بن حميد أيضا [ عن ابن أبي ذئب قال محمد بن عمر فحدثني سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الميت تحضرة الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا : اخرجي أيتها الروح الطيبة ] فذكره مسلم [ عن أبي هريرة قال : إذا خرجت روح العبد المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها ]
قال حماد : فذكر من طيب ريحها و ذكر المسك : قال و يقول أهل السماء : روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك و على جسد كنت تعمرينه فينطلق بها إلى ربه ثم يقول : انطلقوا بها إلى آخر الأجل و إن الكافر إذا خرجت روحه قال حماد : و ذكر من نتنها و ذكر لعنا و يقول أهل السماء : روح خبيثة جاءت من قبل الأرض قال : فيقال : انطلقوا بها إلى آخر الآجل قال أبو هريرة : فرد رسول الله صلى الله عليه و سلم ريطة كانت عليه على أنفه هكذا
البخاري عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه ] فقالت عائشة ـ أو بعض أزواجه : إنا لنكره الموت فقال : [ ليس ذاك و لكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان من الله و كرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله و أحب الله لقاءه و إن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله و عقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله و كره الله لقاءه ] أخرجه مسلم و ابن ماجه من حديث عائشة و ابن المبارك من حديث أنس رضي الله عنه
فصل : هذا الحديث و إن كان مفسرا مبينا فقد روي عن عائشة رضي الله عنها في تفسير هذا الحديث أنها قالت لشريح بن هاني و قد سألها عما سمعه من أبي هريرة و ليس بالذي تذهب إليه و لكن إذا شخص البصر و حشرج الصدر و اقشعر الجلد تشنجت الأصابع فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه خرجه مسلم
و روي عنها أيضا في تفسيره أنها قالت إذا أراد الله بعبد خيرا قيض به قبل موته بعام ملكا فسدده و وقفه حتى يقول الناس : مات فلان خير ما كان فإذا أحضر و رأى ثوابه تهوع نفسه أو قال تهوعت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله و أحب الله لقاءه و إذا أراد الله بعبده شرا قيض له قبل موته بعام شيطانا فأضله و فتنه حتى يقول الناس مات فلان شر ما كان فإذا أحضر و رأى ما ينزل به من العذاب تبلغ نفسه فذلك حين يكره لقاء الله و كره الله لقاءه
و خرج الترمذي في أبواب القدر [ عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله عز و جل إذا أراد بعبد خيرا استعمله فقيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال : يوفقه لعمل صالح قبل الموت ] قال أبو عيسى هذا حديث صحيح
قال الشيخ المؤلف رحمه الله و منه الحديث الآخر : [ إذا أراد الله بعبده خيرا عسله قالوا يا رسول الله و ما عسله ؟ قال : يفتح الله له عملا صالحا بين يدي موته متى يرضى عنه من حوله ]
و عن قتادة في تفسير قوله تعالى : { فروح و ريحان } قال : الروح : الرحمة و الريحان : تتلقاه به الملائكة عند الموت
و روى ابن جريج [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لعائشة : في تفسير قوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال : رب ارجعون } إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا ؟ فيقول إلى دار الهموم و الأحزان ؟ و يقول قدما إلى الله عز و جل و أما الكافر فيقولون : نرجعك إلى الدنيا ؟ فيقول : { ارجعون * لعلي أعمل صالحا } الآية و أما قوله في الحديث حتى ينتهي إلى السماء التي فيها الله تعالى فالمعنى أمر الله و حكمه و هي السماء السابعة التي عندها سدرة المنتهى التي إليها يصعد ما يعرج به من الأرض و منها يهبط ما ينزل به منها ] كذا في صحيح مسلم من حديث الإسراء
و في حديث البارء أنه ينتهي به إلى السماء و سيأتي إن شاء الله تعالى
و قد كنت تكلمت مع بعض أصحابنا القضاة ممن له علم و نظر و معنا جماعة من أهل النظر فيما ذكر أبو عمر بن عبد البر من قوله : { الرحمن على العرش استوى } فذكرت له هذا الحديث فما كان منه إلا أن بادر إلى عدم صحته و لعن رواته و بين أيدينا رطب نأكله فقلت له : الحديث صحيح خرجه ابن ماجه في السنن و لا ترد الأخبار بمثل هذا القول بل تتأول و تحمل على ما يليق من التأويل و الذين رووا لنا الصلوات الخمس و أحكامها فإن صدقوا هنا صدقوا هناك و إن كذبوا هناك و لا تحصل الثقة بأحد منهم فيما يرويه
و قد خرج البزار في مسنده [ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك و ضبائر ريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين و يقال : { يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية } مرضيا عنك إلى روح الله و كرامته فإذا خرجت روحه و ضعت على ذلك المسك و الريحان و طيت عليها الحريرة و ذهب بها إلى عليين و إن الكافر إذا احتضرا أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعا شديدا و يقال : أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله و عذابه فإذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة و يطوى عليها المسح و يذهب بها إلى سجين ]
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : فقوله في روح المؤمن : يذهب بها إلى عليين هو معنى ما جاء في حديث أبي هريرة المتقدم إلى السماء التي فيها الله و الأحاديث يقسر بعضها بعضا و لا إشكال
و ذكرته عند بعض من يتسم بالعلم و الفقه و القضاء فلم يكن منه إلا أن بادر بلعن من رواه و نقله فظن منه التجسيم فقلت له : الحديث صحيح و الذين رووه هم الذين جاءوا بالصلوات الخمس و غيرها من أمور الدين فإن كذبوا هنا كذبوا هنالك و إن صدقوا هنا صدقوا هنالك و التأويل مزيل ما توهمته و كان في ذلك كلام و حضره جماعة من أهل الفقه و النظر فذكرت له ما ذكرناه و ذكرت له حديث التنزيل و قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } و ما تأوله العلماء في ذلك و سيأتي من ذلك في هذا الكتاب ما فيه كفاية لمن اهتدى و الحمد لله
و أما قوله في حديث محمد بن كعب أول الباب إذا استنقعت نفس المؤمن فقال شمر لا أعرفه و سمعت الزهري يقول : يعني إذا اجتمعت في فيه حين تريد أن تخرج كما يستنقع الماء في قراره و النفس : الروح ها هنا حكاه الهروي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:19 pm

باب ما جاء في تلاقي الأرواح في السماء و السؤال عن أهل الأرض و في عرض الأعمال
---------------------------------------
ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها أهل الرحمة من عباد الله تعالى كما يتلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه يسألونه فيقول بعضهم لبعض : انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد قال : فيقبلون عليه فيسألونه : ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول : إنه هلك فيقولون : إنا الله و إنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية قال : فتعرض عليهم أعماله فإن رأوا حسنا فرحوا و استبشروا و قالوا : اللهم هذه نعمتك على عبدك فأتمها و إن رأوا شرا قالوا : اللهم راجع بعبدك
قال ابن المبارك : و أخبرنا صفوان بن عمرو قال : حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفيلا أن أبا الدرداء كان يقول : إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون و يساؤن قال : يقول أبو الدرداء : اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا يخزى به عبد الله بن رواحة
و في رواية : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني عند عبد الله بن رواحة
أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي الثقفي قال : أخبرني عثمان بن عبد الله بن أوس أن سعيد بن جبير قال له : أستأذن لي على ابنة أخي و هي زوجة عثمان و هي ابنة عمرو بن أوس فاستأذنت له فدخل عليها ثم قال : كيف يفعل بك زوجك ؟ قالت : إنه إلي لمحسن فيما استطاع فالتفت إلي ثم قال : يا عثمان أحسن إليها فإنك لا تصنع بها شيئا إلا جاء عمرو بن أوس فقلت : و هل تأتي الأموات أخبار الأحياء ؟ قال : نعم ما من أحد له حميم إلا و يأتيه أخبار أقاربه فإن كان خيرا سر به و فرح و هنئ به و إن كان شرا ابتأس و حزن به حتى إنهم ليسألون عن الرجل قد مات فيقال : أو لم يأتكم ؟ فيقولون : لا خولف به إلى أمه الهاوية
و عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : إذا قبض روح العبد المؤمن عرج به إلى السماء فتلقاه أرواح المؤمنين فيسألونه فيقولون : ما فعل فلان ؟ فيقول أو لم يأتكم ؟ فيقولون : لا و الله ما جاءنا و لا مر بنا فيقولون : سلك به إلى أمه الهاوية فبئست الأم و بئست المربية
و قال وهب بن منبه : إن لله في السماء السابعة دارا يقال لها البيضاء تجتمع فيها أرواح المؤمنين فإذا مات الميت في أهل الدنيا تلقته الأرواح فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسائل الغائب أهله إذا قدم إليهم ذكره أبو نعيم رحمه الله
فصل : هذه الأخبار و إن كانت موقوفة فمثلها لا يقال من جهة الرأي
و قد خرج النسائي بسنده [ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الحديث و فيه : فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه : ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة ؟ فيقولون : دعوه فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال : أو ما أتاكم ؟ قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية ] و ذكر الحديث و سيأتي بكماله إن شاء الله تعالى
و خرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول قال : [ حدثنا أبي رحمه الله قال : حدثنا قبيصة عن سفيان عن أبان بن أبي عياش عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أعمالكم تعرض على عشائركم و أقاربكم من الموتى فإن كان خيرا استبشروا و إن كان غير ذلك قالوا : اللهم لا تمتهم حتى تهديهم لما هديتنا ]
و خرج من حديث عبد الغفور بن عبد العزيز [ عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تعرض الأعمال يوم الاثنين و يوم الخميس على الله و تعرض على الأنبياء و على الأباء و الأمهات يوم الجمعة فيفرحون بحسناتهم و تزداد وجوههم بياضا و تشرق فاتقوا الله عباد الله لا تؤذوا موتاكم بأعمالكم ]
و روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ إن أرواحكم تعرض إذا مات أحدكم على عشائركم و موتاكم فيقول بعضهم لبعضهم : دعوه يستريح فإنه كان في كرب ثم يسألونه : ما عمل فلان ؟ و ما عملت فلانة ؟ فإن ذكر خيرا حمدوا الله و استبشروا و إن كان شرا قالوا : اللهم اغفر له حتى أنهم يسألون هل تزوج فلان ؟ هل تزوجت فلانة ؟ قال : فيسألونه عن رجل مات قبله فيقول : ذاك مات قبلي ؟ أما مر بكم ؟ فيقولون : لا و الله فيقولون : إنا لله و إنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم و بئست المربية حتى إنهم ليسألونه عن هر البيت ] ذكره الثعلبي رحمه الله
و قد قيل في قوله عليه الصلاة و السلام : [ الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ] : إنه هذا التلاقي و قد قيل : تلاقي أرواح النيام و الموتى و قيل غير هذا و الله أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:20 pm

باب منه
---------------------
روى من حديث ابن لهيعة [ عن بكير بن الأشج عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته ] قيل يجوز أن يكون الميت يبلغ من أفعال الأحياء و أقوالهم ما يؤذيه في قبره بلطيفة يحدثها لهم : من ملك يبلغ أو علامة أو دليل أو ما شاء الله و هو القادر على ما يشاء
و روي عن عروة قال : وقع رجل في علي رضي الله عنه عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر رضي الله عنه : ما لك قبحك الله : لقد آذيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في قبره
قال علماؤنا : ففي هذا الحديث زجر عن سوء القول في الأموات
و في الحديث : أنه نهى عن سب الأموات و زجر عن فعل ما كان يسؤوهم في حياتهم و فيه أيضا زجر عن عقوق الآباء و الأمهات بعد موتهما بما يسؤوهما من فعل الحي
فقد روي في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يهدي لصدائق خديجة صلة منه لها وبرا و إذا كان الفعل صلة وبرا كان ضده عقوبة و قطيعا و عقوقا و قيل : يجوز أن يكو ن معنى الحديث : الميت يؤذيه في قبره من كان يؤذيه في بيته إذا كان حيا فيكون [ ما ] بمعنى [ من ] و يكون ذلك مضمرا في الكلام ن و الإشارة إلى الملك الموكل بالإنسان
فقد ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم : إن الملك يتباعد عن الرجل عند الكذبة يكذبها ميلين من نتن ما جاء به و كذلك كل معصية لله تؤذي الملك الموكل به فيجوز أن يموت العبد و هو مصر على معاصي الله غير تائب منها و لا مكفر عنه خطاياه فيكون تمحيصه و تطهيره فيما يلحقه من الأذى من تغليظ الملك إياه أو تفريعه له و الله سبحانه و تعالى أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:20 pm

باب في شأن الروح و أين تصير حين تخرج من الجسد ؟
-----------------------------
قال أبو الحسن القابسي رحمه الله : الصحيح من المذهب و الذي عليه أهل السنة أنها ترفعها الملائكة حتى توقفها بين يدي الله تعالى فيسألها فإن كانت من أهل السعادة قال لهم : سيروا بها و أروها مقعدها من الجنة فيسيرون به في الجنة على قدر ما يغسل الميت فإذا غسل الميت و كفن ردت و أدرجت بين كفنه و جسده فإذا حمل على النعش فإنه يسمع كلام الناس من تكلم بخير و من تكلم بشر فإذا وصل إلى قبره و صلي عليه ردت فيه الروح و أقعد ذا روح و جسد و دخل عليه الملكان الفتانان على ما يأتي
و عن عمرو بن دينار قال : ما من ميت يموت إلا روحه في يد ملك ينظر إلى جسده كيف يغسل و كيف يكفن و كيف يمشي به فيجلس في قبره
قال داود : و زاد في هذا الحديث قال : يقال له و هو على سريره : اسمع ثناء الناس عليك ذكره أبو نعيم الحافظ في باب عمرو
و قال أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة : فإذا قبض الملك النفس السعيدة تناولها ملكان حسان الوجوه عليهما أثواب حسنة ولهما رائحة طيبة فيلفونها في حرير من حرير الجنة و هي على قدر النحلة شخص إنساني ما فقد من عقله و لا من علمه المكتسب له في دار الدنيا فيعرجون بها في الهواء فلا يزال يمر بالأمم السالفة و القرون الخالية كأمثال الجراد المنتشر حتى ينتهي إلى سماء الدنيا فيقرع الأمين الباب فيقال للأمين : من أنت ؟ فيقول : أنا صلصائيل و هذا فلان معي بأحسن أسمائه و أحبها إليه فيقول : نعم الرجل كان فلان و كانت عقيدته غير شاك ثم ينتهي به إلى السماء الثانية فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول مقالته الأولى : فيقولون : أهلا و سهلا بفلان كان محافظا على صلاته بجميع فرائضها ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الثالثة فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته الأولى و الثانية فيقال : مرحبا بفلان كان يراعي الله في حق ماله و لا يتمسك منه بشيء ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء الرابعة فيقرع الباب فيقال : من أنت ؟ فيقول : كدأبه في مقالته فيقال : أهلا بفلان كان يصوم فيحسن الصوم و يحفظه من أدران الرفث و حرام الطعام ثم ينتهي إلى السماء الخامسة فيقرع الباب فيقال : من أنت ؟ فيقول كعادته فيقال : أهلا و سهلا بفلان أدى حجة الله الواجبة من غير سمعا و لا رياء ثم ينتهي إلى السماء السادسة فيقرع الباب فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته فيقال مرحبا بالرجل الصالح و النفس الطيبة كان كثير البر بوالديه فيفتح له الباب ثم يمر حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقرع الباب فيقال من أنت ؟ فيقول الأمين مقالته فيقال : مرحبا بفلان كان كثير الاستغفار بالأسحار و يتصدق في السر و يكفل الأيتام ثم يفتح له فيمر حتى ينتهي إلى سرادقات الجلال فيقرع الباب فيقال له : من أنت ؟ فيقول الأمين مثل قوله فيقول : أهلا و سهلا بالعبد الصالح و النفس الطيبة كان كثير الاستغفار و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يكرم المساكين و يمر بملأ من الملائكة كلهم يبشرونه بالخير و يصافحونه حتى ينتهي إلى سدرة المنتهي فيقرع الباب فيقال : من أنت ؟ فيقول الأمين كدأبه في مقالته فيقال : أهلا و سهلا بفلان كان عمله عملا صالحا خالصا لوجه الله عز و جل ثم يفتح له فيمر في بحر من نار ثم يمر في بحر من نور ثم يمر في بحر من ظلمة ثم يمر في بحر من ماء ثم يمر في بحر من ثلج ثم يمر به في بحر من برد طول كل بحر منها ألف عام ثم يخترق الحجب المضروبة على عرش الرحمن و هي ثمانون ألفا من السرادقات لها شراريف لكل سرادق ثمانون ألف شرافة على كل شرافة ثمانون ألف قمر يهللون لله و يسبحونه و يقدسونه لو برز منها قمر واحد إلى سماء الدنيا لعبد من دون الله و لأحرقها نورا فحينئذ ينادي من الحضرة القدسية من وراء أولئك السرادقات : من هذه النفس التي جئتم بها ؟ فيقال : فلان ابن فلان فيقول الجليل جل جلاله : قربوه فنعم العبد كنت يا عبدي فإذا أوقفه بين يديه الكريمتين أخجله ببعض اللوم و المعاتبة حتى يظن أنه قد هلك ثم يعفو عنه
كما روي عن يحيى بن أكثم القاضي و قد رئي في المنام بعد موته فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه ثم قال : يا شيخ السوء فعلت كذا و فعلت كذا فقلت : يا رب ما بهذا حدثت عنك قال : فبم حدثت عني يا يحيى ؟ فقلت : حدثني الزهري [ عن معمر عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل عنك سبحانك أنك قلت : إني لأستحيي أن أعذب ذا شيبة في الإسلام فقال : يا يحيى صدقت و صدق الزهري و صدق معمر و صدق عروة و صدقت عائشة و صدق محمد و صدق جبريل و قد غفرت لك ]
و عن ابن نباتة و قد رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين الكريمين و قال : أنت الذي تخلص كلامك حتى يقال : ما أفصحه ! فقلت : سبحانك إني أصفك : قال : قل ما كنت تقول في دار الدنيا قلت : أبادهم الذي خلقهم و أسكنهم الذي أنطقهم و سيوجدهم كما أعدمهم و سيجمعهم كما فرقهم قال لي صدقت اذهب فإني قد غفرت لك
و عن منصور بن عمار أنه رئي في المنام فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه و قال لي : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : بست و ثلاثين حجة قال : ما قبلت منها شيئا و لا واحدة ثم قال : بماذا جئتني يا منصور ؟ قلت : جئتك بثلاثمائة و ستين ختمة للقرآن قال : ما قبلت منها واحدة ثم قال : فبماذا جئتني يا منصور ؟ قال : جئتك بك قال سبحانه : الآن جئتني اذهب فقد غفرت لك و من الناس من إذا انتهى إلى الكرسي سمع النداء : ردوه فمنهم من يرد من الحجب و إنما يصل إلى الله عارفوه
فصل : و أما الكافر فتؤخذ نفسه عنفا فإذا وجهه كأكل الحنظل و الملك يقول : اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث فإذا له صراخ أعظم ما يكون كصراخ الحمير فإذا قبضها عزرائيل ناولها زبانية قباح الوجوه سود الثياب منتني الرائحة بأيديهم مسوح من شعر فليفونها فيستحيل شخصا إنسانيا على قدر الجرادة فإن الكافر أعظم جرما من المؤمن يعني في الجسم في الآخرة و في الصحيح أن ضرس الكافر في النار مثل أحد فيعرج به حتى ينتهي إلى سماء الدنيا فيقرع الأمين باب فيقال : من أنت ؟ فيقول : أنا دقيائيل لأن اسم الملك الموكل على زبانية العذاب دقيائيل فيقال : من معك ؟ فيقول : فلان ابن فلان بأقبح أسمائه و أبغضها إليه في دار الدنيا لا أهلا و لا سهلا و لا مرحبا { لا تفتح لهم أبواب السماء و لا يدخلون الجنة } الآية فإذا سمع الأمين هذه المقالة طرحه يده { أو تهوي به الريح في مكان سحيق } أي : بعيد و هو قوله عز و جل : { و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } فإذا انتهى إلى الأرض ابتدرته الزبانية و سارت به إلى سجين و هي صخرة عظيمة تأوي إليها أرواح الفجار و أما النصارى و اليهود فمردودون من الكرسي إلى قبورهم هذا من كان منهم على شريعته و يشاهد غسله و دفنه
و أما المشرك فلا يشاهد شيئا من ذلك لأنه قد هوى به
و أما المنافق فمثل الثاني يرد ممقوتا مطرودا إلى هوى
و أما المقصورن المؤمنون فتختلف أنواعهم فمنهم ترده صلاته لأن العبد من إذا قصر في صلاته سارقا لها تلف كما يلف الثوب الخلق و يضرب بها وجهه ثم تعرح و تقول : ضيعك الله كما ضيعتني و منهم من ترده زكاته لأنه إنما يزكي ليقال : فلان متصدق و ربما وضعها عند النساء و لقد رأيناه عافانا الله مما حل به و من الناس من يرده صومه لأنه صام عن الطعام و لم يصم عن الكلام فهو رفث و خسران فيخرج الشهر و قد بهرجه و من الناس من يرده حجه لأنه إنما حج ليقال فلان حج أو يكون حج بمال خبيث و من الناس من يرده العقوق و سائر أحوال البر كلها لا يعرفها إلا العلماء بأسرار المعاملات و تخليص العمل الذي للملك الوهاب فكل هذه المعاني جاءت بها الآثار و الأخبار كالخبر الذي رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه في رد الأعمال و غيره فإذا ردت النفس إلى الجسد و وجدته قد أخذ في غسله إن كان قد غسل فتقعد عند رأسه حتى يغسل فإذا أدرج الميت في أكفانه صارت ملتصقة بالصدر من خارج الصدر و لها خوار و عجيج تقول : أسرعوا بي إلى رحمة الله أي رحمة لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه و إن كان يبشر بالشقاء تقول : رويدا إلى أي عذاب لو تعلمون ما أنتم حاملوني إليه فإذا أدخل القبر وهيل عليه التراب ناداه القبر : كنت تفرح على ظهري فاليوم تحزن في بطني كنت تأكل الألوان على ظهري فالآن يأكلك الدود في بطني و يكثر عليه مثل هذه الألفاظ الموبخة حتى يسوى عليه التراب ثم يناديه ملك يقال له رومان و هو أول ما يلقي الميت إذا دخل قبره على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى و الله أعلم بغيبه و أحكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:21 pm

باب كيفية التوفي للموتى ؟ و اختلاف أحوالهم في ذلك
-----------------------------
ذكر الله التوفي في كتابه مجملا و مفصلا :
فقال الله تعالى : { الذين تتوفاهم الملائكة طيبين } و قال : { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } و قال : { توفته رسلنا و هم لا يفرطون } و قال : { الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } فهذا كله محمل و قد بينه رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما يأتي بيانه إن شاء تعالى و قال : { و لو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } و قال : { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم و أدبارهم } و هذا مخصوص بمن قتل من الكفار يوم بدر باتفاق أهل التأويل فيما قاله بعض علمائنا و قد ذكر المهدوي و غيره في ذلك اختلافا و أن الكفار حتى الآن يتوفون بالضرب و الهوان و الله أعلم
و روى مسلم في حديث فيه طول قال أبو زميل : فحدثني ابن عباس قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه و صوت الفارس يقول : أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قدم خطم أنفه و شق وجهه لضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : [ صدقت ذلك من مدد السماء الثانية ] فقتلوا يومئذ سبعين و أسروا سبعين و ذكر الحديث
و قال تعالى : { لو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت و الملائكة باسطوا أيديهم } أي بالعذاب { أخرجوا أنفسكم } إلى قوله { يستكبرون } و قد زادت السنة هذا النوع بيانا على ما يأتي
فصل : إن قال قائل : كيف الجمع بين هذه الآي و كيف يقبض ملك الموت في زمن واحد أرواح من يموت بالمشرق و المغرب ؟ قيل له : اعلم أن التوفي مأخوذ من توفيت الدين و استوفيته إذا قبضته و لم يدع منه شيئا فتارة يضاف إلى ملك الموت لمباشرته ذلك و تارة إلى أعوانه من الملائكة لأنهم قد يتولون ذلك أيضا و تارة إلى الله تعالى و هو المتوفي على الحقيقة كما قال عز و جل { الله يتوفى الأنفس حين موتها } و قال : { و هو الذي أحياكم ثم يميتكم } و قال : { الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم } فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما يفعل بأمره
و قال الكلبي : يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمنا و إلى ملائكة العذاب إن كان كافرا و هذا المعنى منصوص في حديث البراء و سيأتي
و في الخبر عن النبي صلى الله عليه و سلم [ إن ملك الموت ليهيب بالأروح كما يهيب أحدكم بفلوه أو فصيله ألا هلم ألا هلم ] يهيب : يدعو يقال : أهاب الرجل بغنمه أي صاح بها لتقف أو لترجع و أهاب بالبعير
قال طرفة يصف ناقته :
( تريع إلى صوت المهيب و تتقي ... بذي خصل روعات أكلب ملبدي )
تريع : معناه : تعود و ترجع
و قال الشاعر :
( طمعت بليلى إذ تريع و إنما ... تقطع أرقاب الرجال المطامع )
و الخصل : أطراف الشجر المتدلية و الروعات جمع روعة و هي الفزعة و أكلب الرجل إذا أكلبت إبله و اتكلب شبيه بالجنون و قال جميعه الجوهري
و قال العتابي الكلابي :
( أهابوا به فازداد بعد وصده ... عن القرب منهم ضوء برق و وابله )
يعني نصل السهم
فأخبر صلى الله عليه و سلم : [ أنه يدعو الأرواح التي يتوفاها الله و يقبضها ]
و في الخبر أن ملك الموت جالس و بين يديه صحيفة يكتب فيها له ليلة النصف من شعبان و هي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم من الأرزاق و الآجال في قفول بعض العلماء عكرمة و غيره و الصحيح أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة القدر من شهر رمضان و هو قول قتادة و الحسن و مجاهد و غيرهم يدل عليه قوله تعالى : { حم * و الكتاب المبين * إنا أنزلناه } يعني القرآن { في ليلة مباركة } يعني ليلة القدر و هذا بين
و قال ابن عباس : إن الله تعالى يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان و يسلمها إلى أربابها في ليلة القدر و كان هذا جمعا بين القولين و الله أعلم فإذا انقضى عمر ذلك الشخص الذي حان قبض روحه سقطت ورقة من سدرة المنتهى التي فيها اسمه على اسمه في الصحيفة فعرف أن قدر فرغ أجله و انقطع أكله
و في الخبر أن ملك الموت تحت العرش يسقط عليه صحائف من يموت من تحت العرش الصحف هنا : ورق السدرة و الله أعلم
و كما في الخبر قبله : فإذا نظر إلى الإنسان قد نفذ رزقه و انقطع أكله ألقى عليه سكرات الموت فغشيته كرباته و أدركته سكراته
و في خبر الإسراء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ مررت على ملك آخر جالس على كرسي إذا جميع الدنيا و من فيها بين ركبتيه و بيده لوح مكتوب ينظر فيه و لا يلتفت عنه يمينا و لا شمالا فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا ملك الموت قلت : يا ملك الموت كيف تقدر على قبض جميع أرواح من في الأرض برها و بحرها ؟ قال : ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي و جميع الخلائق بين عيني و يداي تبلغان المشرق و المغرب فإذا نفذ أجل عبد نظرت إليه فإذا نظرت إليه عرف أعواني من الملائكة أنه مقبوض غدوا فبطشوا يعالجون نزع روحه فإذا بلغوا بالروح الحلقوم علمت ذلك فلم يخف علي شيء من أمره مددت يدي فأنزعه من جسده و ألى قبضه
و في الخبر : أنه ينزل عليه أربعة من الملائكة : ملك يجذب النفس من قدمه اليمنى و ملك يجذبها من قدمه اليسرى و ملك يجذبها من يده اليمنى و ملك يجذبها من يده اليسرى ] ذكره أبو حامد
و قال : و ربما كشف للميت عن الأمر الملكوتي قبل أن يغرغر فيعاين الملائكة على حقيقة عمله على ما يتحيزون إليه من عالمهم فإنه كان لسانه منطلقا حدث بوجودهم و ربما أعاد على نفسه الحديث بما رأى و ظن أن ذلك من فعل الشيطان به فيسكت حين يعقل لسانه و هم يجذبونها من أطراف البنان و رؤوس الأصابع و النفس تنسل انسلال القداة من السقا
و الفاجر تسل روح كالسفود من الصوف المبلول هكذا حكى صاحب الشرع عليه السلام و الميت يظن أن بطنه ملئت شوكا كأنما نفسه تخرج من ثقب إبرة و كأن السماء انطبقت على الأرض و هو بينهما فإذا احتضرت نفسه إلى القلب مات لسانه عن النطق فما أحد ينطق و النفس مجموعة في صدره لسرين
أحدهما : أن الأمر عظيم قد ضاق صدره بالنفس المجتمعة فيه ألا ترى أن الإنسان إذ أصابته ضربته في الصدر بقي مدهوشا فتارة لا يقدر على الكلام و كل مطعون يطعن يصوت إلا مطعون الصدر فإنه يخر من غير تصويت
و أما السر الآخر : فلأن الذي فيه حركة الصوت المندفعة من الحرارة الغريزية فصار نفسه متغير الحالتين حال الارتفاع و البرودة لأنه فقد الحرارة فعند هذا الحين تختلف أحوال الموتى فمنهم من يطعنه الملك حينئذ بحربة مسمومة قد سقيت سما من نار فتفر الروح و تفيض خارجة فيأخذ الملك في يده و هي ترعد أشبه شيء بالزئبق على قدر الجرادة شخصا إنسانيا ثم يناولها الزبانية
و من الموتى من تجذب نفسه رويدا حتى تنحصر في الحنجرة و ليس يبقى في الحنجرة إلا شعبة متصلة بالقلب فحينئذ يطعنها بتلك الحربة الموصوفة
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : لم أجد لهذه الحربة في الأخبار ذكر إلا ما ذكره أبو نعيم الحافظ
قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمود قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال : إن لملك الموت عليه السلام حربة تبلغ ما بين المشرق و المغرب فإذا انقضى أجل عبد من الدنيا ضرب رأسه بتلك الحربة و قال : الآن يزار بك عسكر الأموات
و روى سليمان بن مهير الكلابي قال : حضرت مالك بن أنس و أتاه رجل فسأله : يا أبا عبد الله البراغيث أملك الموت يقبض أرواحها ؟ فأطرق مالك طويلا ثم قال : لها نفس ؟ قال : نعم قال : ملك الموت يقبض أرواحها { الله يتوفى الأنفس حين موتها } ذكره الخطيب أبو بكر رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:22 pm

باب ما جاء في صفة ملك الموت عن قبض روح المؤمن و الكافر
-----------------------------------
قال علماؤنا رحمهم الله : و أما مشاهدة ملك الموت عليه السلام و ما يدخل على القلب منه من الورع و الفزع فهو أمر لا يعبر عنه لعظم هوله و فظاعة رؤيته و لا يعلم حقيقة ذلك إلا الذي يبتدئ له و يطلع عليه و إنما هي أمثال تضرب و حكايات تروى
روى عن عكرمة أنه قال : رأيت في بعض صحف شيث أن آدم عليه السلام قال : يا رب أرني ملك الموت حتى أنظر إليه فأوحى الله تعالى إليه : إن له صفات لا تقدر على النظر إليها و سأنزله عليك في الصورة التي يأتي فيها الأنبياء و المصطفين فأنزل الله عليه جبريل و ميكائيل و أتاه ملك الموت في صورة كبش أملح قد نشر من أجنحته أربعة آلاف جناح منها جناح جاوز السموات و الأرض و جناح جاوز الأرضين و جناح جاوز أقصى المشرق و جناح جاوز أقصى المغرب و إذا بين يديه الأرض بما اشتملت عليه من الجبال و السهول و الغياض و الجن و الإنس و الدواب و ما أحاط بها من البحار و ما علاها من الأجواء في ثغرة نحرة كالخردلة في فلاة من الأرض و إذا عيون لا يفتحها إلا في مواضع فتحها و أجنحة لا ينشرها إلا في مواضع نشرها و أجنحة للبشرى ينشرها للمصطفين و أجنحة للكفار فيها سفافيد و كلاليب و مقاريض فصعق آدم صعقة لبث فيها إلى مثل تلك الساعة من اليوم السابع ثم أفاق و كان في عروفة الزعفران ذكر هذا الخبر ابن ظفر الواعظ المكنى أبو هاشم محمد بن محمد في كتاب النصائح
و روى عن ابن عباس أن إبراهيم خليل الرحمن سأل ملك الموت أن يريه كيف يقبض روح المؤمن فقال له : اصرف وجهك عني فصرف ثم نظر إليه فرآه في صورة شاب حسن الصورة حسن الثياب طيب الرائحة حسن البشر فقال له : و الله لو لم يلق المؤمن من السرور شيئا سوى وجهك كفاه ثم قال له : أرني كيف تقبض روح الكافر فقال له : لا تطيق ذلك قال : بلى أرني قال : اصرف وجهك عني فصرف وجهه عنه ثم نظر إليه فإذا صورة إنسان أسود رجلاه في الأرض و رأسه في السماء كأقبح ما أنت راء من الصور تحت كل شعرة من جسده لهيب نار فقال له : و الله لو لم يلق الكافر سوى نظرة إلى شخصك لكفاه
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : و سيأتي هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم في الملائكة في حديث البراء و غيره إن شاء الله تعالى
و قال ابن عباس أيضا : كان إبراهيم عليه السلام رجلا غيورا و كان له بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه فرجع ذات يوم فإذا هو برجل في جوف البيت فقال : من أدخلك داري ؟ فقال : أدخلنيها ربها قال إبراهيم : أنا ربها قال : أدخلنيها من هو أملك بها منك قال : فمن أنت من الملائكة ؟ قال : أنا ملك الموت قال : أتستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن ؟ قال : نعم ثم التفت إبراهيم فإذا هو بشاب فذكر من حسن وجهه و حسن ثيابه و طيب رائحته فقال : يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن عند الموت إلا صورتك لكان حسبه ثم قبض روحه صلى الله عليه و سلم
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : لا يتعحب من كون ملك الموت يرى على صورتين لشخصين فما ذلك إلا مثل ما يصيب الإنسان بتغير الخلقة في الصحة و المرض و الصغر و الكبر و الشباب و الهرم و كصفاء اللون بملازمة الحمام و شحوبة الوجه بتغير اللون بلفح الهواجر في السفر غير أن قضية الملائكة عليهم السلام يجري ذلك منهم في اليوم الواحدة و إن لم يجر هذا على الإنسان إلا في الأوقات المتباعدة و السنين المتطاولة و هذا بين فتأمله

__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:22 pm

باب ما جاء في سبب قبض ملك الموت لأرواح الخلق
-------------------------------------
روى الزهري و وهب بن منبه و غيرهما ما معناه : إن الله أرسل جبريل عليه السلام ليأتيه من تربة الأرض فأتاها ليأخذ منها فاستعاذت بالله من ذلك فأعاذها فأرسل ميكائيل فاستعاذت منه فأعاذها فبعث عزرائيل فاستعاذت منه فلم يعذها فأخذ منها فقال الرب تبارك و تعالى : أما استعاذت بي منك ؟ قال : نعم قال : فهلا رحمتها كما رحمها صاحباك ؟ قال : يا رب طاعتك أوجب علي من رحمتي إياها قال الله عز و جل : اذهب فأنت ملك الموت سلطتك على قبض أرواحهم فبكى فقال ما يبكيك ؟ فقال : يا رب إنك تخلق من هذا الخلق أنبياء و أصفياء و مرسلين و إنك لم تخلق خلقا أكره إليهم من الموت فإذا عرفوني أبغضوني و شتموني
قال الله تعالى : [ إني سأجعل للموت عللا و أسبابا ينسبون الموت إليها ولا يذكرونك معها ] فخلق الله الأوجاع و سائر الحتوف
و قد روى هذا الخبر عن ابن عباس قال : رفعت تربة آدم من ستة أرضين و أكثرها من السادسة و لم يكن فيها من الأرض السابعة شيء لأن فيها نار جهنم قال : فلما أتى ملك الموت بالتربة قال له ربه : أما استعاذت بي منك الحديث بلفظه و معناه ذكره القتيبي و زاد فقالت الأرض : يا رب خلقت السماوات فلم تنقص منها شيئا و خلقتني فنقصتني
فقال لها الرب : و عزتي و جلالي لأعيدنهم إليك برهم و فاجرهم فقالت : و عز تك لأنتقمن ممن عصاك
قال : ثم دعا بمياه الأرض مالحها و عذبها و حلوها و مرها و طيبها و منتنها فسقى منه تربة آدم فأقام يخمره أربعين صباحا و قال آخرون : أربعين سنة لم ينفخ فيه الروح فكانت الملائكة تمر به فيقفون ينظرون إليه و يقول بعضهم لبعض : إن ربنا لم يخلق خلقا أحسن من هذا و إنه خلق لأمر كائن و يمر به إبليس اللعين فيضرب بيده عليه فيسمع له صلصلة و هو الصلصال الفخار فقال إبليس : إن فضل هذا علي لم أطعه و إن فضلت عليه أهلكته هذا من طين و أنا من نار
و قد قيل : إن الذي أتى بتربة الأرض إبليس و إن الله بعثه بعد ملكين فاستغاثت بالله منه فقالت : إني أعوذ بالله منك ثم أخذ منها و صعد إلى ربه فقال : ألم تستعذ بي منك ؟ فقال : بلى يا رب فقال الله عز و جل : و عزتي لأخلقن مما جنت يداك خلقا يسؤوك و الله أعلم

__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:23 pm

باب ما جاء أن الروح إذا قبض تبعه البصر
-------------------------------------------------
ابن ماجه [ عن أم سلمة قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة و قد شق بصره فأغمضه ثم قال : إن الروح إذ قبض تبعه البصر ] خرجه مسلم أكمل من هذا و قد تقدم
و روى مسلم [ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألم تروا الإنسان إذا مات شخص بصره قالوا : بلى قال : فذلك حين يتبع بصره نفسه ] و في غير الصحيح [ عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الميت أول ما يشق بصره لرؤية المعراج و هو سلم بين السماء و الأرض من زمردة خضراء أحسن ما رئي قط فذلك حين يمد بصره إليه ]
فصل : في قوله عليه السلام : [ إن الروح إذا قبض تبعه البصر ] قوله : فذلك حين يتبع بصره نفسه ما يستغنى به عن قول كل قائل في الروح و النفس و إنهما اسمان لمسمى واحد و سيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:24 pm

باب ما جاء في تزاور الأموات في قبورهم و استحسان الكفن لذلك
------------------------------------
مسلم [ عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه إن استطاع ]
و خرج أبو نصر عبد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي السجستاني الحافظ في كتاب الإنابة على مذهب السلف الصالح في القرآن و إزالة شبه الزائغين بواضح البرهان
أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال : [ حدثنا علي بن الحسن بن بندار قال : حدثنا أبو عروة قال حدثنا محمد بن المصفى قال : حدثنا معاوية : قال حدثنا إبراهيم أن معاوية عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتباهون و يتزاورون في قبورهم ]
و قال ابن المبارك : أحب إلي أن يكفن في ثيابه التي كان يصلي فيها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:28 pm

<HR style="COLOR: #e1e1e1; BACKGROUND-COLOR: #e1e1e1" SIZE=1>

باب الإسراع بالجنازة و كلامها
---------------------------------------
البخاري [ عن أبي سعيد الخدري : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول : إذا وضعت الجنازة و احتملها الرجال على أعناقهم فإن كان صالحة قالت : قدموني قدموني و إن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها أين تذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان و لو سمعه لصعق ] و قد تقدم من حديث أنس أنها تقول : [ يا أهلي و يا ولدي ] الحديث
البخاري [ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه و إن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ] خرجه مسلم أيضا
فصل : صعق : مات و الإسراع قيل معناه : الإسراع بحملها إلى قبرها في المشي و قيل : تجهيزها بعد موتها لئلا تتغير و الأول أظهر لما رواه النسائي قال : أخبرنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا خالد قال : حدثنا عيينة بن عبد الرحمن قال : حدثني أبي قال : شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة و خرج زياد يمشي بين يدي السرير فجعل رجال من أهل عبد الرحمن و مواليهم يستقبلون السرير و يمشون على أعقابهم و يقولون : رويدا رويدا بارك الله فيكم فكانوا يدبون حتى إذا كنا ببعض الطريق لحقنا أبو بكرة رضي الله عنه يمشي على بغلة فلما رأى الذين يصنعون حمل عليهم ببغلته و أهوى عليهم بالسوط فقال : خلوا فو الذي كرم وجه أبي القاسم لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم و إنا لنكاد نرمل بها رملا فانبسط القوم صححه أبو محمد عبد الحق
و روى أبو داود [ من حديث أبي ماجدة عن ابن مسعود قال : سألنا نبينا محمدا صلى الله عليه و سلم عن المشي في الجنازة فقال : دون الخبب إن يكن خيرا تعجل إليه و إن يكن غير ذلك فبعدا لأهل النار ] ذكره أبو عمر بن عبد البر
و قال : و الذي عليه جماعة أهل العلم في ذلك الإسراع فوق السجية قليلا و العجلة أحب إليهم من الإبطاء و يكره الإسراع الذي يشق على ضعفه من يتبعها و قال إبراهيم النخعي : نصوا بها قليلا و لا تدبوا دبيب اليهود و النصارى السجية : العادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
nour_einy
:::مشـرف عـــام:::
:::مشـرف عـــام:::
nour_einy


عدد المساهمات : 4760
تاريخ التسجيل : 30/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 5:29 pm

<HR style="COLOR: #e1e1e1; BACKGROUND-COLOR: #e1e1e1" SIZE=1>

باب ما جاء في قراءة القرآن عند القبر حالة الدفن و بعده و أنه يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ و يدعى و يستغفر له و يتصدق عليه
ذكره أبو حامد في كتاب الأحياء و أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقية له

------------------------------------
قال محمد بن أحمد المروروذي سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول : إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا بفاتحة الكتاب و المعوذتين و قل هو الله أحد و اجعلوا ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم
و قال علي بن موسى الحداد : كنت مع أحمد بن حنبل في جنازة و محمد بن قدامة الجوهري يقرأ فلما دفنا الميت جاء رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد : يا هذا إن القراءة على القبر بدعة فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد : يا أبا عبد الله : ما تقول في مبشر بن إسماعيل ؟ قال : ثقة قال : هل كتبت عنه شيئا ؟ قال : نعم قال : أخبرني مبشر بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن العلاء بن الحجاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة و خاتمتها و قال : سمعت ابن عمر يوصي بذلك
قال أحمد : فارجع إلى الرجل فقل له يقرأ
قلت : و قد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث العسيب الرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه و سلم باثنين ثم غرس على هذا واحدا و على هذا واحدا ثم قال : [ لعله أن يخفف عنهما ما لم يبسا ] خرجه البخاري و مسلم
و في مسند أبي داود الطيالسي : [ فوضع على أحدهما نصفا و على الآخر نصفا و قال : إنه يهون عليهما ما دام فيهما من بلوتهما شيء ] قالوا : و يستفاد من هذا غرس الأشجار و قراءة القرآن على القبور و إذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن
و قد خرج السلفي [ من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من مر على المقابر و قرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات
و روي ] من حديث أنس خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا قرأ المؤمن آية الكرسي و جعل ثوابها لأهل القبور أدخل الله تعالى في كل قبر مؤمن من المشرق إلى المغرب أربعين نورا و وسع الله عز و جل عليهم مضاجعهم و أعطى الله للقارئ ثواب ستين نبيا و رفع له بكل ميت درجة و كتب له بكل ميت عشر حسنات [
و قال الحسن من دخل المقابر فقال : اللهم رب الأحساد البالية و العظام الناخرة خرجت من الدنيا و هي بك مؤمنة فأدخل عهليها روحا منك و سلاما مني إلا كتب بعددهم حسنات
و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم ] من حديث ابن عباس أنه قال خير الناس و خير من يمشي على جديد الأرض المعلمون كما أخلق الدين جدوده أعطوهم و لا تستأجروهم فتحرجوهم فإن المعلم إذا قال للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله للصبي و براءة للمعلم و براءة لأبويه من النار [ ذكره الثعلبي :
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : أصا هذا الباب الصدقة التي لا اختلاف فيها فكما يصل للميت ثوابها فكذلك تصل قراءة القرآن و الدعاء و الاستغفار إذ كل ذلك صدقة فإن الصدقة لا تختص المال
و قال صلى الله عليه و سلم : ] و قد سئل عن قصر الصلاة في حالة الأمن فقال : صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته [
و قال عليه السلام : ] يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة فإن كل تسبيحة صدقة و كل تلهيلة صدقة و كل تكبيرة صدقة و كل تحميدة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهي عن المنكر صدقة و يجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى [ و لهذا استحب العلماء زيارة القبور تحفة الميت من زائره
روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ] ما الميت في قبره إلا كالغريق المغوث ينتظر دعوة تلحقه من أبيه أو أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إلي من الدنيا و ما فيها و إن هدايا الأحياء للأموات الدعاء و الاستغفار
و قد حكي أن امرأة جاءت إلى الحسن البصري رحمه الله فقالت : : إن ابنتي ماتت و قد أحببت أن أراها في المنام فعلمني صلاة أصليها لعلي أراها فعلمها صلاة فرأت ابنتها و عليها لباس القطران و الغل في عنقها و القيد في رجلها فارتاعت لذلك فأعلمت الحسن فاغتم عليها فلم تمض مدة حتى رآها الحسن في المنام و هي في الجنة على سرير و على رأسها تاج فقالت له يا شيخ : أما تعرفني ؟ قال : لا قالت له : أنا تلك المرأة التي علمت أمي الصلاة فرأتني في المنام قال لها : فما سبب أمرك ؟ قالت : مر بمقبرتنا رجل فصلى على النبي صلى الله عليه و سلم و كان في المقبرة خمسمائة و ستون إنسانا في العذاب فنودي : ارفعوا العذاب عنهم ببركة صلاة هذا الرجل عن النبي صلى الله عليه و سلم
و قال بعضهم : مات أخ لي فرأيته في المنام فقلت : ما كان حالك حين وضعت في قبرك ؟ قالت : أتاني آت بشهاب من نار فلولا أن داعيا دعا لي لرأيت أنه سيضربني به و الحكايات عن الصالحين بهذا المعنى كثيرة ذكرها أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له و قد ذكر في هذا المعنى أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة رضي الله عنه في كتاب عيون الأخبار له حكاية فيها طول رأينا ذكرها لاشتمالها على وعظ و تذكير و تخويف و تحذير و تضرع و ابتهال و دعاء بالموت و الانتقال
روي عن الحارث بن نبهان أنه قال : كنت أخرج إلى الجبانات فأرحم على أهل القبور و أتفكر و أعتبر و أنظر إليهم سكوتا لا يتكلمون و جيرانا لا يتزاورون و قد صار لهم من بطن الأرض وطاء و من ظهرها غطاء و أنادي : يا أهل القبور محيت من الدنيا آثاركم وما محيت عنكم أوزاركم و سكنتم دار البلاء فتورمت أقدامكم قال : ثم يبكي بكاء شديدا ثم يميل إلى قبة فيها فينام في ظلها
قال : فبينما أنا نائم إلى جانب القبر إذ أنا بحس مقمعة يضرب بها صاحب القبر و أنا أنظر إليه و السلسلة في عنقه و قد ازرقت عيناه و اسود وجهه و هو يقول : يا و يلي ما ذا حل بي لو رآني أهل الدنيا ما ركبوا معاصي الله أبدا طولبت و الله باللذات فأوبقتني و بالخطايا فأغرقتني فهل من شافع لي أو مخبر أهلي بأمري ؟ !
قال الحارث : فاستيقظت مرعوبا و كاد أن يخرج قلبي من هول ما رأيت فمضيت إلى داري و بت ليلتي و أنا متفكر فيما رأيت فما أصبحت قلت دعني أعود إلى الموضع الذي كنت فيه لعلي أجد به أحدا من زوار القبور فأعلمه بالذي رأيت قال : فمضيت إلى المكان الذي كنت فيه بالأمس فلم أر أحدا فأخذني النوم فنمت فإذا أنا بصاحب القبر و هو يسحب على وجهه و يقول : يا ويلتاه ماذا حل بي ساء في الدنيا عملي و طال فيها أجلي حتى غضب علي رب الأرباب فالويل لي إن لم يرحمني ربي
قال الحارث : فاستيقظت و قد توله عقلي بما رأيت و سمعت فمشيت إلى داري و بت ليلتي فلما أصبحت أتيت القبر لعلي أجد أحدا من زوار القبور فأعلمه بما رأيت ثم نمت فإذا أنا بصاحب القبر قد قرن بين قدميه و هو يقول : ما أغفل أهل الدنيا عني ضوعف علي العذاب و تقطعت عني الحيل و الأسباب و غضب علي رب الأرباب و غلق في وجهي كل باب فالويل لي إن لم يرحمني ربي العزيز الوهاب
قال الحارث : فاستيقظت من منامي مرعوبا و هممت بالانصراف فإذا بثلاث جوار قد أقبلن فتباعدت لهن عن القبر و تواريت لكي أسمع كلامهن فتقدمت الصغرى و وقفت على القبر و قالت : السلام عليك يا أبتاه كيف هدوؤك في مضجعك و كيف قرارك في موضعك ذهبت عنا بودك و انقطع عنا سؤالك فما أشد حسرتنا عليك ثم بكت بكاء شديدا ثم تقدمت ابنتان فسلمتا على القبر ثم قالتا : هذا قبر أبينا الشفيق علينا و الرحيم بنا أنسك الله بملائكة رحمته و صرف عنك عذابه و نقمته يا أبتاه جرت بعدك أمور لو عاينتها لأوهمتك و لو اطلعت عليها لأحزنتك كشف الرجال وجوهنا و قد كنت أنت سترها
قال الحارث : فبكيت لما سمعت كلامهن ثم قمت مسرعا إليهن فسلمت عليهن و قلت لهن : أيتها الجواري إن الأعمال ربما قبلت و ربما ردت على صاحبها فما كان عمل أبيكن المخلد في هذا القبر الذي عاينت من أمره ما أحزنني و اطلعت من حاله على ما آلمني ؟
قال الحارث : فلما سمعن كلامي كشفن وجوههن و قلن : أيها العبد الصالح و ما الذي رأيت ؟ قلت لهن : لي ثلاثة أيام و أنا أختلف إلى هذا القبر أسمع صوت المقمعة و السلسلة فيه قال : فلما سمعن ذلك مني قلن لي : بشارة ما أضرها و مصيبة ما أحزنها نحن نفضي الأوطار و نعمر الديار و أبونا يحرق بالنار فو الله لا قر بنا قرار و لا ضمتنا للذة العيش دار أو نتضرع للجبار فلعله أن يعتق أبانا و ينقذه من النار ثم مضين يتعثرن في أذيالهن
قال الحارث : فمضيت إلى داري فبت ليلتي فلما أصبحت أتيت القبر فجلست عنده فغلبني النوم فنمت فإذا أنا بصاحب القبر له حسن و جمال و في رجليه نعل من ذهب و معه حور و غلمان
قال الحارث : فسلمت عليه و قلت له : رحمك الله من أنت ؟ قال : أنا الرجل الذي عاينت من أمري ما أحزنك و اطلعت منه على ما أفجعك فجزاك الله خيرا فما أيمن طلعتك علي فقلت له : و كيف حالك ؟ فقال لي : لما اطلعت علي و أخبرت بناتي بالأمس بحالي أعرين أبدانهن و أسبلن شعورهن و تضرعن لمولاهن و مرغن خدودهن في التراب و أهملن دموعهن بالانسكاب و استوهبوني من العزيز الوهاب فغفر لي الذنوب و الأوزار و استنقذني من النار و أسكنني دار القرار بجوار محمد المختار فإذا رأيت بناتي فأعلمهن بأمري و ما كان من قصتي ليزول عنهن روعهن و يفارقهن حزنهن و تعلمهن إني قد صرت إلى جنات و حور و مسك و كافور و عندي غلمان و سرور و قد عفا عني العزيز الغفور
قال الحارث : فاسيقظت فرحا مسرورا لما رأيت و سمعت ثم مضيت إلى داري و بت ليلتي فما أصبحت أتيت القبر فوجدتهن حافيات الأقدام فسلمت عليهن و قلت لهن : أبشرن فقد رأيت أباكن في خير عظيم و ملك مقيم و قد أعلمني أن الله تعالى أجاب دعاءكن و لم يخيب مسعاكن و قد وهب لكن أباكن فاشكرنه على ما أولاكن
قال : فقالت الصغرى : اللهم يا مؤنس القلوب و يا ساتر العيوب و يا كاشف الكروب و يا غافر الذنوب و يا عالم الغيوب و يا مبلغ الأمل المطلوب قد علمت ما كان من مسألتي و رغبتي و اعتذاري في خلوتي و استقالتي من ذلتي و تنصلي من خطيئتي و أنت اللهم تعلم همتي و المطلع على نيتي و العالم بطويتي و مالك رقبتي و الآخذ بناصيتي و غايتي في طلبتي و رجائي عند شدتي و مؤنسي في وحدتي و راحم عبرتي و مقيل عثرتي و مجيب دعوتي فإن كنت قصرت عما أمرتني و ركبت إلى ما عنه نهيتني فبحلمك حملتني و بسترك سترتني فبأي لسان أذكرك و على أي نعمك أشكرك ضاق بكثرتها ذرعي فيا أكرم الأكرمين و منتهى غاية الطالبين و مالك يوم الدين الذي يعلم ما أخفي في الضمير و يدبر أمر الصغير و الكبير فإن كنت قضيت الحاجة بفضلك و شفعتني في عبدك فاقبضني إليك و أنت على كل شيء قدير ثم صرخت صرخة فارقت الدنيا رحمة الله عليها
قال : ثم قامت الثانية فنادت بأعلى صوتها : يا رب فرج كربي و خلص من الشك قلبي يا من أقامني من صرعتي و أقالني من عثرتي و دلني من حيرتي و أعانني في شدتي إن كنت قبلت دعوتي و قضيت حاجتي و أنجحت طلبتي فألحقني بأختي ثم صاحت صيحة فارقت الدنيا رحمة الله عليها
قال : ثم قامت الثالثة : فنادت بأعلى صوتها يا أيها الجبار الأعظم و الملك الأكرم العالم بمن سكت و تكلم لك الفضل العظيم و الملك القديم و الوجه الكريم العزيز من أعززته و الذليل من أذللته و الشريف من شرفته و السعيد من أسعدته و الشقي من أشقيته و القريب من أدنيته و البعيد من أبعدته و المحروم من حرمته و الرابح من أوهبته و الخاسر من عذبته أسألك باسمك العظيم و وجهك الكريم و علمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام و غمض عن مناولة الأوهام باسمك الذي جعلته على الليل فدجى و على النهار فأضاء و على الجبال فدكدكت و على الرياح فتناثرت و على السموات فارتفعت و على الأصوات فخشعت و على الملائكة فسجدت اللهم إني أسألك إن كنت قضيت حاجتي و أنجحت طلبتي فألحقني بصواحباتي ثم صاحت صيحة فارقت الدنيا رحمة الله علينا و عليهم و على جميع المسلمين أجمعين آخر الحكاية و الحمد لله رب العالمين
و [ روي من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم و كان له بعدد من فيها حسنات ]
و يروى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة
و قد روى إباحة قراءة القرآن عند القبر عن العلاء بن عبد الرحمن و ذكر النسائي و غيره من [ حديث معقل بن يسار المدني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال اقرأوا يس عند موتاكم ] و هذا يحتمل أن تكون القراءة عند الميت في حال موته و يحتمل أن تكون عند قبره
قال أبو محمد عبد الحق : حدثني أبو الوليد إسماعيل بن أحمد عرف بابن أفرند و كان هو و أبوه صالحين معروفين قال : مات أبي رحمه الله فحدثني بعض إخوانه ممن يوثق بحديثه قال لي : زرت قبر أبيك فقرأت عليه حزبا من القرآن ثم قلت يا فلان هذا قد أهديته لك فماذا لي ؟ قال : فهبت علي نفحة مسك غشيتني و أقامت معي ساعة ثم انصرفت و هي معي فما فارقتني إلا و قد مشيت نصف الطريق
قال أبو محمد : و رأيت لبعض من يوثق به قال : ماتت لي امرأة فقرأت في بعض الليالي آيات من القرآن فأهديتها لها و دعوت الله عز و جل و استغفرت لها و سألت فما كان في اليوم الثاني حدثتني امرأة تعرفها قالت لي : رأيت البارحة فلانة في النوم ـ تعني الميتة المذكورة ـ في مجلس حسن في دار حسنة و قد أخرجت لنا أطباقا من تحت سرير كان في البيت و الأطباق مملوءة قوارير أنوار فقالت لي : هذا أهداه لي صاحب بيتي قال : و ما كنت أعلمت بذلك أحدا
قال الشيخ المؤلف رحمه الله : و في هذا المعنى حديث مرفوع من حديث أنس يأتي في باب ما يتبع الميت إلى قبره و قد قيل : إن ثواب القراءة للقارئ و للميت : ثواب الاستماع و لذلك تلحقه الرحمة قال تعالى : { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون }
قلت : و لا يبعد في كرم الله تعالى أن يلحقه ثواب القراءة و الاستماع جميعا و يلحقه ثواب ما يهدى إليه من قراءة القرآن و إن لم يسمعه كالصدقة و الدعاء و الاسغفار لما ذكرنا و لأن القرآن دعاء و استغفار و تضرع و ابتهال و ما يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل القرآن
قال صلى الله عليه و سلم : [ يقول الرب تبارك و تعالى : من شغله قراءة القرآن عن مسألتي أعطيته ما أعطي السائلين ] رواه الترمذي و قال فيه حديث حسن غريب
و قال عليه السلام : [ إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ] و القراءة في معنى الدعاء و ذلك صدقة من الولد و من الصاحب و الصديق و المؤمنين حسب ما ذكرنا و بالله التوفيق
فإن قيل : فقد قال الله تعالى { و أن ليس للإنسان إلا ما سعى } و هذا يدل على أنه لا ينفع أحدا عمل أحد قيل له : هذه آية اختلف في تأويلها أهل التأويل
فروي عن ابن عباس : أنها منسوخة بقوله تعالى : { و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } فيجعل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه و يشفع الله تعالى الآباء في الأبناء و الأبناء في الآباء يدل على ذلك قوله تعالى : { آباؤكم و أبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا } و قال الربيع بن أنس : { و أن ليس للإنسان إلا ما سعى } يعني : الكافر و أما المؤمن فله ما سعى و ما سعى له غيره
قلت : و كثير من الأحاديث تدل على هذا القول و يشهد له و أن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره
و في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ من مات و عليه صيام صام له وليه ]
و [ قال عليه السلام للرجل الذي حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ]
و روي أن عائشة رضي الله عنها اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن بعد موته و أعتقت عنه و [ قال سعد للنبي صلى الله عليه و سلم : إن أمي توفيت افأتصدق عنها ؟ قال : نعم قال : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : سقي الماء ] و في الموطأ عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته أنها حدثته عن جدته أنها جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت و لم تقضه فأفتى عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها
قلت : و يحتمل أن يكون قوله تعالى : { و أن ليس للإنسان إلا ما سعى } خاصا في السيئة بدليل ما في صحيح مسلم [ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : قال الله عز و جل : إذا هم عبدي بحسنة و لم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشرا إلى سبعمائة ضعف و إذا هم بسيئة و لم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئة واحدة ] و القرآن دال على هذا قال الله تعالى : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } و قال تعالى : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } الآية و قال في الآية الأخرى : { كمثل جنة بربوة } و قال : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } و هذا كله تفضل من الله تعالى و طريق العدل : { أن ليس للإنسان إلا ما سعى } إلا أن الله عز و جل يتفضل عليه بما لم يجب له كما أن زيادة الأضعاف فضل منه كتب لهم بالحسنة الواحدة : عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف حسنة
كما قيل لأبي هريرة : أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ أن الله ليجزي عن الحسنة الواحدة : ألف ألف حسنة ] فقال : سمعته يقول : [ إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة : ألفي ألف حسنة ] فها تفضل و قد تفضل الله على الأطفال بإدخالهم الجنة بغير عمل فما ظنك بعمل المؤمن عن نفسه أو عن غيره ؟
و قد ذكر الخرائطي في كتاب القبور قال : سنة في الأنصار إذا حملوا الميت أن يقرأوا معه سورة البقرة و لقد أحسن من قال :
( زر والديك و قف على قبريهما ... فكأنني بك قد حملت إليهما )
و في أبيات يقول في آخرها :
و قر أت من آي الكتاب بقدر ما تسطيع و قد بعثت ذاك إليهما
و إنما طولنا النفس في هذا الباب لأن الشيخ الفقيه القاضي الإمام مفتي الأنام عبد العزيز بن عبد السلام رحمه الله كان يفتي بأنه لا يصل للميت ثواب ما يقرأ و يحتج بقوله تعالى : { و أن ليس للإنسان إلا ما سعى } فلما توفي رحمه الله رآه بعض أصحابه ممن كان يجالسه و سأله عن ذلك فقال له : إنك كنت تقول : إنه لا يصل إلى الميت ثواب ما يقرأ و يهدي إليه فكيف الأمر ؟ فقال له : إني كنت أقول ذلك في دار الدنيا و الآن فقد رجعت عنه لما رأيت من كرم الله تعالى في ذلك و أنه يصل إليه ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
haithoum
::::مدير الموقع::::
::::مدير الموقع::::
haithoum


عدد المساهمات : 5177
المزاج : زى الفل
تاريخ التسجيل : 26/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالإثنين 25 أغسطس 2008, 3:18 pm

بجد يا احمد مجهود جامد يستحق الشكر وتم التثبيت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الحبيب المصرى
عضو من الآخر
عضو من الآخر
الحبيب المصرى


عدد المساهمات : 3014
المزاج : الحمد لله
تاريخ التسجيل : 08/07/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالسبت 30 أغسطس 2008, 3:32 am

تسلم ايدك يا احمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ضياء الدين
عضو جامد
عضو جامد
ضياء الدين


عدد المساهمات : 398
تاريخ التسجيل : 20/04/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 31 أغسطس 2008, 1:57 am

تسلم ايدك احمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ملكة الاحزان
عضو من الآخر
عضو من الآخر
ملكة الاحزان


عدد المساهمات : 644
المزاج : حزينة
تاريخ التسجيل : 31/03/2008

الموت قادم لامحاله Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموت قادم لامحاله   الموت قادم لامحاله Icon_minitimeالأحد 31 أغسطس 2008, 5:27 am

الموت قادم لامحاله Ce4424b1d9
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموت قادم لامحاله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات حنين :: الأقسام الإسلامية :: القسم الاسلامى العام-
انتقل الى: