كنا ثلاث رجال خرجنا للصيد
فذهبنا إلى منطقة بعيده جداً خارج المدينة
فمضينا فرحين نحن الأصدقاء الثلاث
آملين وصولنا للمنطقة نفكر ونحكي بالصيد
وكلٌ منا معه سلاحه وقوته من الزاد والماء وفراشه
ولكن !!
تُهنا وضعنا فأين الطريق ؟؟
نمشي يمين ويسار لعلنا نصل لأي مكان فيه بشر
فمضت أيام وأيام فلم يبقى من الزاد والماء شيئا
لم نعرف ماذا نفعل مضينا آملين أن نلتقي بأي أحد كان
من الناس أو لعلنا نرى خيمة أو بيت شعر
وبعد أيام من التعب والضياع والعطش والجوع رأينا
خيام لم نصدق
فرحنا كثيراً ... ربااه نحمدك على كل شي الفرج قريب
أتينا لهم نسألهم أكلا وماءً لم نحتمل الجوع والعطش
وحرارة الشمس التي أحرقتنا وأهلكتنا تعباً
ولكن وكأنهم يحملون أغراضهم وخيامهم راحلين من هنا ,
سألناهم راجين أكلاً وماءً .. فسألونا من اين وما الذي
أتى بنا إلى هنا فروينا عليهم حكايتنا وحبنا للصيد كالمعتاد
مثل ماكنا نصيد من قبل ولكن في هذه المره تُهنا
قال أحدهم تريدون أكلاً وماءً ؟ أعطونا سلاحكم هذا
تعجبنا فلم يكن لدينا سوى تلك الأسلحة ولكن الجوع
والعطش وحرارة الشمس الحارقة جعلتنا لا نفكر بشيء
بالفعل أعطيناهم تلك الأسلحة ولم يتبقى لنا إلا ما علينا
من ملابس وقال لنا :
اصبروا قليلاً
صبرنا
فأتوا بعدها ولا نعرف ماذا يحدث لنا
مسكونا وحفروا ثلاث حفر عميقة فدفنونا , وضعوا التراب
على أجسادنا ولم يظهر من تلك الحفر إلا رؤوسنا نحن الثلاثة
فقد حفروا ثلاث حفر طويلة بطول الجسد فقط
رباه ما الحكاية...!!؟ لما هذا الأمر يحدث
نتسائل بتعجب ولم نفهم إلا بعدما خيم الليل علينا وأسدل
ستاره فرأينا خيال وحشاً كبيراً ضخماً خفنا نتلفت إلى بعضنا
ماذا قد يكون ولم ندري إلا وبدأ يقترب منا.
رباه..رأيناه ولم نصدق ذاك أضخم ذئب رأته عيني أسود مخيف
أكبر وأضخم ذئب رأينا ,
الخوف تسلل في داخلنا وننظر إلى بعضنا البعض خائفين
نرتعش رعباً والذئب يدور علينا والعرق تصبب منا فوقف
الذئب أمام أحد صديقاي فكان أشدنا رعباً وبذلك يستمتع الذئب
بتخويفه أكثر فصرخ صديقي من شدة الخوف يقول لا تتركوه
يأكلني أنقذوني أرجوكم ينظر إلينا متوسلاً خائفاً أنقذوني
أرجوكم سأموت سأموت .. اختفى صوته ولم نسمع إلا صوت
الذئب وهو ينهش رأسه ويأكله يا لذلك الموقف المرعب
وبعدها ذهب الذئب إلى مقره وتركنا وما كنا نرى إلا عظاماُ ودماً
وذباباً بدأ يجتمع عليهم
وعندما اقترب الليل نظر إلي صديقي يتوسل إلي::
أرجوك لا تدعني أموت لا أريد أن يحدث لي ما حدث مع صديقنا
أرجوك لا أريد الموت.. آآآه فما بيدي من شيء قلت له أنا مثلك
مدفون ومرعوب أنا مثلك أنتظر الموت خوفاً وقد يكون دوري الليله..
أتى نعم لقد أتى ذاك الذئب الضخم وفعل كما فعل مسبقاً وبدأ
يدور حولنا ليرى من هو خائفاً أكثر ليلتهمه دون رحمة
توقف أمامنا الاثنان..فانهرت ولم يعد باستطاعتي من شيء
تجمدت من الخوف والرعب الذي اعتراني.
ونظرات الذئب لم تنتهي تارة ينظر إلي وأخرى إلى صديقي
وبعدها صرخ صديقي خوفا يتوسل لا لا لا لا تتركني أنقذني
أرجوك ويصرخ ويصرخ وما تراني أفعل إلا أنني أغمضت
عيناي وصديت عنه
لا أريد أن أراه وهو يموت
والذئب بدأ ينهش رأسه بشهوة كبيره كان الصوت مخيف
أكله ولم يترك منه سوا عظامه ودمه
فانهرت أكثر
ذهب الذئب يودعني وكأنه يقول بقيت وحدك وغداً دورك
كنت مقتنعاً ومتأكداً أني سأموت غداً كما قالت عيون الذئب
الضخم الشرس
لم أعد أحس بجسدي المدفون ولم أعد أستطيع المقاومة
من أيام عديدة وأسابيع (( عطش – جوع – شمس حارقه
– جسد مدفون – ذئب ضخم شرس أسود يلتهم أصدقائي
أمامي يتوسلون النجاة وليس بيدي من شيء فلا أرى
إلا عظامهم ودمائهم ))
فكثر الذباب واجتمع على العظام والدماء كان ذباب مزعج
كثيراً جداً
تمنيت الموت قبل أن يخيم الليل ويأتي الذئب
تأكدت بعد كل ما حدث أني ميت لا محالة
كل ما طلبته أن أموت قبل قدومه
ولكن خيم الليل علي ورأيت خياله قادم
أقبل منتصراً ذاك الذئب
بدأ يدور علي حتى وقف أمامي نظر إلي نظرة لن أنساها أبداً
فمن شدة التعب والهلاك الذي أعيشه ذاك الوقت واليأس
الشديد الذي أصابني جعلوني أفقد تعابير الخوف بوجهي
رغم أن الخوف والرعب سكنا قلبي
تأخر الذئب لم يهجم على رأسي لم يأكلني فاقترب مني أكثر
وعيناه تنظران عيناي وكأنه يقول لي لما لا أراك خائفاً
تصرخ كأصدقائك من قبل
ولكني لم أحرك ساكن
وبعد قليل رأيت الذئب يحرك رأسه يميناً وشمالاً يبعد الذباب
عنه وجهه فزاد الذباب عليه وزاد هو بحراك رأسه فكانت
أذنيه تضربان وجهي وفمي
حينها خطرت لي فكرة وقلت في بالي هي آخر آمالي فلم
لا أحاول إما أن أنجو أو أموت
نعم لقد حاولت فتحت فمي بكل مااستطيع من فتحهُ
وكل مره تضرب وجهي أذنيه أنتظر أن تدخل أحدها إلى فمي
وسبحان الله العظيم
جائت إحدى أذنيه القذرة بفمي فعضضتُ عليها بكل ما لدي
من قوة وكأن الحياة رجعت إلي مره أخرى بدأ يتألم كثيراً
ويتحرك ويصرخ ويبتعد عني يحاول أن يبتعد ولكن كل
مره يبتعد فيها عني كان يسحبني معه وهو لا يعلم
يسحبني حتى خرجت من تلك الحفرة
بدأت أبحث بعينيي عن شيء أدافع به عن نفسي
فوجد (( لا أتذكر ما وجد وبالأصح نسيت ولكنه وجد
شيئاً يدافع به عن نفسه ))المهم أكمل قصته
لقد وجد شيئا وهجم على الذئب منتقماً خائفاً باكياً
نعم قتل الذئب رباه بعد كل ما حصل له وبعد انقطاع الأمل
نجا من تلك الحفرة ومن الذئب وما ذاقه من عذاب
وعطش وجوع...ويستطرد مكملاً
بعد أن قتلت الذئب لم أعد أرى شيئاً ولا أحس بشيء
وقعت أرضاً مغشياً علي وبعدها ولا أعلم كم من زمن وأنا
على حالتي هذه ولكني أفقت رأيت رجل تعجبت وسألته
كيف ومتى ومن
قال لي كنت ماراً من الطريق فرأيتك مستلقياً على الأرض
تتنفس حملتك وأتيت بك إلى هنا
كنت جائعاً عطشاً متعباً منهمكاً مرعوباً بائساً حزيناً
وعدت إلى مدينتي بعد فترة طويلة من الزمن
فرحوا بي أهلي عند رؤيتي وبنفس الوقت لم يصدقوا فرويت
حكايتنا فكل من سمعها قال يا لها من قصة غريبة عجيبة
فقد أخبرني الرجل أن الذئب كان أضخم وأكبر ذئب في تلك
المنطقة وكل من رآه مات
لا يرحم أحداً فكيف أنت فعلت وقتلته
قلت له حكايتي
ولكن
أصدقائي
أدعو الله أن ألتقي فيهم بالجنة
كل مره يحكي بها روايته كانت عيونه تدمع وتارة يحكي
وأخره يسكت ويتنهد فقد أعز أصدقائه أمام عينيه
هل تعلمون أين هو الرجل الآن؟؟
بقبره
كان شاباً عندما حدثت له تلك الحادثة المرعبة فعاش ومات
وهو كبير في السن (( شايب )).. سبحان الله
فمنذ فتره بسيطة توفي الرجل
الله يرحمه ويغفر له ويسكنه مع أصدقائه جنة الفردوس
ويرحم جميع المسلمين الأموات منهم والأحياء ويعفر لهم
ذنوبهم وذنبي يا أرحم الراحمين
أعتذر على إطالتي بالقصة
ولكن بنظري تستحق القراءة
يالذلك الرجل الذي عاش عمره يذكرهم عاش عمره حزيناً
ومات حزيناً
اخوكم