ملفات فساد : فضيحة جديدة لنجيب ساويرس في ايطاليا

الأسبوع الماضي تفجرت وقائع فضيحة جديدة،* ‬بطلها المهندس نجيب ساويرس رئيس شركة* '‬أوراسكوم تليكوم*' ‬لاتصالات المحمول*.‬
والفضيحة الجديدة ليست من اختراع خصوم السيد ساويرس،* ‬ولا هي أيضا* ‬من تأليف من يحلو له دائما* ‬أن يسميهم بالمبتزين،* ‬الذين يلهثون وراء إعلاناته،* ‬بل هي فضيحة يحقق فيها القضاء الايطالي*.‬
وقائع الفضيحة التي سكتت عن نشر وقائها* ‬غالبية الصحف ووسائل الإعلام المصرية فجرها برنامج تليفزيوني أذاعته القناة الثالثة الايطالية في أكتوبر من العام الماضي،* ‬حيث أشار البرنامج إلي وجود شبهات

حول شفافية عملية انتقال ملكية شركة اتصالات من شركة المرافق الايطالية* '‬اينيل*' ‬إلي شركة* '‬ويرز انفستمنت*' ‬التي تسيطر عليها شركة* '‬ساويرس*' ‬المصرية في صفقة ضخمة تم تمويل معظمها بقروض من بنوك أوربية*.‬
وقد أثار هذا البرنامج يومها ضجة واسعة،* ‬خاصة عندما قدم دلائل تشير إلي وجود رشاوي كبيرة للاستحواذ علي أسهم الشركة الايطالية بطريقة* ‬غير مشروعة*.‬
ومنذ هذا الوقت تحركت الأجهزة القضائية الايطالية وكلفت الجهات الأمنية بالتحقيق في الوقائع التي تضمنها البرنامج التليفزيوني في الصفقة التي تجاوزت قيمتها *٢١ ‬مليار يورو أي *٢١.٨١ ‬مليار دولار*.‬
وهذه الصفقة كانت قد عقدت في يونيو *٥٠٠٢ ‬عندما أبرم التحالف الذي يقوده رجل الأعمال المصري الشهير نجيب ساويرس عقدا* ‬للاستحواذ علي نسبة *٥٧.٢٦‬٪* ‬من رأسمال شركة* '‬ويند*' ‬الايطالية ثم استكملت عملية الاستحواذ علي الأسهم عام *٦٠٠٢.‬
لقد أشارت التحريات التي قامت بها الأجهزة الايطالية المتخصصة إلي أن التحريات ركزت بشكل خاص علي الحركة المصرفية لمبلغ* ٠٩ ‬مليون يورو تردد أن نجيب ساويرس دفعها إلي الوسيط مقابل أعمال استشارية من أصل تكاليف اجمالية للعملية بلغت *٤١٤ ‬مليون يورو،* ‬حصلت المصارف التي ساندت ساويرس في منحه القروض علي الباقي*.‬
وقد شملت الاتهامات التي أعلنها مصدر قضائي ايطالي الأسبوع الماضي *١١ ‬متهما* ‬تشمل المهندس نجيب ساويرس نفسه،* ‬وتشمل أيضا* ‬مستشاره في الصفقة* '‬اليساندرو بينيديتي*' ‬إضافة إلي* '‬فلوثيو كونتي*' ‬الرئيس التنفيذي لشركة* '‬رانيل*'‬،* ‬وقد عثرت الشرطة الايطالية المختصة بجرائم الأموال علي وثائق هامة متعلقة بالصفقة خلال قيامها يوم *٨٢ ‬فبراير الماضي بتفتيش مكاتب شركتي* '‬ويزرانفستمنت*' ‬التي يترأس مجلس إدارتها نجيب ساويرس،* ‬وكذلك شركة* '‬ويند تليكوم*' ‬الايطالية*.‬
والغريب أن الصحف التي لم تجرؤ علي نشر قضية الفساد الخطيرة التي أصبحت حديث ايطاليا والعالم نشرت في اليوم التالي تصريحات لرجل الأعمال نجيب ساويرس ينفي فيها قيام أي شخص من الذين لهم صلة بالصفقة بأي مخالفات في سبيل اتمامها*.‬
وقالت الصحف علي لسان ساويرس إنه سيتعاون شخصيا* ‬مع جهات التحقيق الايطالية إذا طلبت منه ذلك،* ‬وأن شركته تعاملت وفقا* ‬للمعايير الدولية وجميع مستنداتها موثقة*.‬
والحقيقة أنني لا أريد أن أستبق الأحداث أو أوجه اتهامات إلي ساويرس في هذه القضية التي شابتها علامات استفهام كثيرة،* ‬ولكن لا أعرف لماذا تثور الشبهات والتساؤلات دائما* ‬حول صفقات المهندس نجيب ساويرس سواء في مصر أو العراق،* ‬حيث تم فسخ التعاقد معه في شركة الاتصالات هناك* - ‬وأخيرا وليس آخرا صفقة المحمول الايطالية*.‬
لقد نشرت تحقيقا* ‬في صحيفة* '‬الأسبوع*' ‬بتاريخ *١ ‬نوفمبر *٩٩٩١ ‬حول صفقة المحمول،* ‬كان هو السبب الرئيسي في معركة ساويرس ضد* '‬الأسبوع*' ‬منذ هذا الوقت،* ‬وقد تضمن هذا التحقيق وقائع تفوق الخيال*.‬
لقد تضمن هذا التحقيق ما يشير إلي أن القضية قد بدأت منذ عام *٦٩٩١ ‬عندما أقامت هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية شبكة للتليفون المحمول في مصر،* ‬وتمتع حوالي *٠٨ ‬ألف مشترك بهذه الخدمة،* ‬ثم تقرر عام *٧٩٩١ ‬منح الامتياز لشركة خاصة تحت زعم تحقيق مبدأ المنافسة وتحسين الخدمة،* ‬وفي نفس الوقت تم تحويل خدمة هيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية بمشتركيها الثمانين ألفا* ‬إلي شركة مساهمة رأسمالها *٠٠٦ ‬مليون جنيه تساهم فيها الهيئة وبنوك القطاع العام وصندوق التأمينات الاجتماعية لشراء *٠٧‬٪* ‬من أسهمها* - ‬أي حوالي *٢٤ ‬مليون سهم*.‬
في هذا الوقت انتهي المزاد بمنح امتياز لشركة خاصة تم ارساؤه علي مجموعة* '‬مصرفون*' '‬محمد نصير وشركاه*' ‬بعد أن احتدمت المنافسة بينه وبين مجموعة* '‬موبينيل*' ‬ساويرس وشركاه* ‬،* ‬كما انتهي الأمر إلي توقيع عقد بين مؤسس الشركة الأخري* '‬مصرفون*' ‬وبين البنوك والهيئة وصندوق التأمينات*.‬
وقد تم طرح حوالي *٠٣‬٪* ‬من الأسهم للاكتتاب العام أي حوالي *٨١ ‬مليون سهم،* ‬ولثقة المواطنين في المؤسسين تسابقوا للمشاركة في الاكتتاب العام وتم تغطيته بأضعاف ما هو مطروح،* ‬حيث طلب المكتتبون *٠٠١ ‬مليون سهم،* ‬أي أضعاف ال *٨١ ‬مليون سهم المطروحة،* ‬فكان لابد من التخصيص*.‬
وهكذا فإن كل من تقدم بطلب للاكتتاب تم تخصيص أسهم له بنسب *٧٠.٢‬٪* ‬أو أقل،* ‬فبدأ الكثيرون في التخلص من أسهمهم الضئيلة التي لا تتناسب مع طموحاتهم في المشاركة،* ‬ونتيجة لذلك نشأت السوق السوداء،* ‬ثم بيعت الايصالات للتخصيص فيها بأسعار بدأت بثمانية جنيهات،* ‬ووصلت إلي *٣١ ‬جنيها للسهم الواحد رغم أن قيمته المدفوعة لم تتجاوز ال*٥٧٢ ‬قرشا* ‬أي ربع قيمته* + ٥٢‬قرشا* ‬مصروفات*.‬
وفي هذ الوقت لجأت كثير من الشركات والبنوك إلي بيع أسهمها في هذا السوق،* ‬وأصبح صعبا* ‬عليها قيد الفروق التي تحققت لأنه محظور طبقا* ‬لقانون الشركات تداول الأسهم إلا بعد نشر ميزانية سنتين ماليتين،* ‬ولم تكن الشركة إلا في مرحلة التأسيس*.‬
وهنا كانت المكالمة السحرية التي جاءت من وزير هام،* ‬كانت له حظوة في هذا الوقت،* ‬عندما اتصل بالبنك الأهلي وكيل المؤسسين،* ‬حيث طلب منه إعادة قيمة الأسهم التي دفعتها البنوك العامة وهيئة الاتصالات السلكية واللاسلكية وصندوق التأمينات الاجتماعية إلي هذه الجهات،* ‬علي أساس قيمة السهم *٥٧٢ ‬قرشا* ‬واستبدالها بمساهمة مجموعة ساويرس وتمكينها من شراء *٢٤ ‬مليون سهم بسعر السهم *٥٧٢ ‬قرشا* ‬فقط،* ‬في الوقت الذي بلغ* ‬فيه سعر العرض للسهم من *١١ ‬ *٣١ ‬جنيها،* ‬أي أن مجموعة ساويرس دفعت* ‬115*.‬5* ‬مليون جنيه في أسهم تبلغ* ‬قيمتها السوقية *٢٦٤ ‬مليون جنيه بفرض أن سعر السهم يبلغ* ١١ ‬جنيها* ‬فقط،* ‬أي بربح يزيد علي *٧٤٣ ‬مليون جنيه دون عناء يذكر،* ‬وهو ما يمثل في نفس الوقت خسارة لبنوك القطاع العام وهيئة المواصلات وصندوق التأمينات الاجتماعية المسئول عن معاشات المواطنين*.‬
ولأن هذه الخسارة أصابت الكثيرين بالصدمة والفاجعة فإن وزيرة الشئون الاجتماعية في هذا الوقت راحت تستنكر ذلك وتعلن أنه من الخطأ التصرف في أرباح صندوق التأمينات المسئول عن معاشات المواطنين والذي يحتاج إلي دعم مستمر،* ‬فكان طبيعيا* ‬أن يتم ابعادها بعد ذلك في أول تغيير*.‬
وعندما أثار هذا التصرف المشبوه بعض أعضاء مجلس الشعب الذين تقدم أحدهم بطلب إحاطة إلي رئيس الحكومة في هذا الوقت حول ما أشيع عن دفع رشوة تزيد علي *٠٥٢ ‬مليون جنيه،* ‬كان رد وزير المواصلات مثيرا عندما أكد في رده أن رئيس الوزراء وافق علي ما يلي*:‬
استثناء هذه الشركة* '‬موبينيل*' ‬من شرط القيد في البورصة بعد نشر ميزانيتين متتاليتين وقامت الشركة باستكمال رأس المال بسعر السهم عشرة جنيهات ومائتين وخمسين مليما،* ‬أي سدد *٥.٧ ‬جنيه،* ‬ثم قيد السهم في البورصة،* ‬وفي خلال أشهر محدودة ارتفعت أسعار السهم لموبينيل من عشرة جنيهات و*٠٥٣ ‬مليما* ‬إلي أكثر من ثمانين جنيها للسهم الواحد،* ‬أي أن مجموعة ساويرس حققت أرباحا* ‬ورقية فعلية قدرها *٢٤ ‬مليون سهم* * ٠٧ ‬جنيها* ‬أي بما يساوي *٠٠٠.٠٠٠.٠٤٩.٢ ‬يضاف إليها الربح السابق وقدره *٧٤٣ ‬مليون جنيه* + ٥١٣ ‬مليون جنيه دفعة ثانية،* ‬فيكون المجموع *٠٠٠.٠٠٠.٢٠٦.٣ ‬أي ثلاثة مليارات جنيه وستمائة واثنين مليون جنيه كأرباح بمكالمة تليفونية واحدة من سعادة الوزير فكان لهذه المكالمة مفعول السحر*!!‬
وفي الجزائر قالت السلطات القضائية الجزائرية في *٨١/٩/٢٠٠٢ ‬إنها ستجري تحقيقا* ‬في منح رخصة للتليفون المحمول لشركة أوراسكوم تليكوم المصرية العام الماضي *١٠٠٢ ‬في أعقاب ما نشرته وسائل الإعلام الجزائرية* - ‬في هذا الوقت* - ‬بأن عملية منح الرخصة شابتها عيوب،* ‬وقال بيان من مكتب المدعي العام الجزائري في هذا الوقت إنه أمر بإجراء تحقيق مبدئي في العقد الذي فازت به أوراسكوم لإنشاء شبكة للتليفون المحمول في الجزائر*.‬
وقال البيان الصادر في هذا الوقت إن هذه الخطوة تأتي في أعقاب نشر مقالات في وسائل الإعلام المحلية تقول*: ‬إن أوراسكوم تليكوم ربما فازت بالصفقة* '‬في خرق للتنظيمات القانونية للمزايدات العامة*'.‬
وفي السابع من سبتمبر من ذات العام قالت صحيفة* '‬لوماتان*' ‬التي تصدر باللغة الفرنسية إن الظروف التي أحاطت بمنح الرخصة للشركة المصرية* ‬غامضة*. ‬وفي سوريا وقعت مشاكل أفضت إلي صدور حكم من محكمة الاستئناف المدنية يقضي بتعيين حارسين قضائيين علي شركة* '‬سيرتيل موبايل تليكوم*' ‬التي كان ساويرس يمتلك فيها حوالي *٥٢‬٪* ‬من أسهم الشركة وذلك بسبب وجود نزاع بين المساهمين*.‬
ونفس الأمر في اليمن،* ‬حيث حدثت مشاكل كبري بين شركة أوراسكوم تليكوم وحميد عبدالله الأحمر رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية للهاتف النقال* '‬سبأ فون*' ‬والذي وصف تجربته مع نجيب ساويرس بأنها لم تكن موفقة معتبرا أن الخلافات* ‬والمشاكل التي* ‬تواجه أوراسكوم في سوريا وغيرها تدلل علي سلوك يتسم بالرغبة في السيطرة أو تدمير الشركة وإعاقة العمل وعدم الوفاء بالالتزامات*.‬
وغير ذلك فإن الملف مكتظ بالمشاكل والأزمات وكان آخرها تأييد الحكم بالسجن *٥ ‬سنوات ضد صلاح الدين أبوزيد مبروك مراقب الحسابات الثاني بشركة أوراسكوم تليكوم بتهمة اصطناع محررات مزورة مسندة لعدد من البنوك،* ‬تم بموجبها زيادة رأس مال شركة أوراسكوم تليكوم من *٥ ‬ملايين إلي *٠٠٢ ‬مليون ومن *٠٠٢ ‬إلي *٠٠٥ ‬مليون ومن *٠٠٥ ‬مليون إلي *٠٠٩ ‬مليون جنيه،* ‬حيث اكتشفت هيئة سوق المال وقائع التزوير وأبلغت النيابة العامة فتم التحقيق مع نجيب ساويرس ووالده وشقيقيه* ‬غير أن قرار الاتهام تضمن فقط صلاح الدين أبوزيد ومساعده محمد عوض الذي قضي ببراءته،* ‬بينما صدر الحكم في حق الأول صلاح الدين أبوزيد*.‬
بقي أن نقول أخيرا إن شركة أوراسكوم تليكوم تعيش موقفا* ‬صعبا* ‬هذه الأيام بعد الاتهامات التي أعلنها المدعي العام الايطالي والأيام القادمة سوف تثبت ما إذا كان نجيب ساويرس مدانا* ‬أم بريئا؟*!‬

__________________

تسلم ايدك يااحلى ساسو

موضوع جميل وشكرا على مجهودك ياقمر

شكرا يا ساسو على الخبر وعلى متابعتك

» ملفات فساد :: سجن القلعة وسجن الاستئناف
» ملفات فساد :: هذه القضايا نجح فيها جهاز المخابرات
» ملفات فساد : وزير الإعلام البحريني يحقق مع الشيخة مي بتهمة سرقة قطعة اثرية
» ملفات فساد : انعقاد مجلس الوزراء الإماراتي بغياب الوزير المتهم بخيانة الأمانة
» لعنة الفراعنة تلاحق متحفا ايطاليا