تقبلت جماهير الزمالك الهزيمة باطمئنان لمستقبل فريقها، فرغم المشاكل الطاغية المحيطة باجتماعات مجلس الادارة ورغم حرب الصفقات وحداثة الجهاز الفني وعلى رأسه راينر هولمان وطارق يحيي، فاننا لم نلحظ فروقا في الملعب.
لم يركب الأهلي المباراة كما هي عادته في السنوات الأخيرة ما عدا مباراة الكأس الشهيرة التي فاز بها بأربعة أهداف لثلاثة وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة. التكافؤ والندية كانا مناخ اللقاء. لا فرق بين معسكر مدينة أكتوبر ومعسكر المانيا. ولا بين تكتيكات مانويل جوزيه مع أنه مستقر منذ فترة طويلة مع فريقه ويقال إنه يحفظ فريق الزمالك أكثر من هولمان نفسه، وبين تكتيكات الأخير!
الحق أننا لم نر هذا أو ذاك. رأينا مباراة تجري بالقضاء والقدر، وتسجل أهدافها بالقضاء والقدر أيضا!!
لم تكن هناك مشكلة أمام محمد عبدالله في الدقيقة 28. الكرة تحت سيطرته تماما، والمساحة الفارغة التي يجري فيها تتيح له أن يتحرك بيسر ويمرر بانسيابية وبمعدل أمان مرتفع، لكنه تفذلك وتفلسف، ومرر كرة حريرية لجلبرتو كأنه يدعوه على وليمة لأعشاب البحر، فسجل فلافيو من خطأ فظيع لم يتوقعه أحد ولم يحلم به الطاووس اطلاقا في معسكر المانيا ولا على فراشه الأثير فوق الأطلنطي في بلاده. لقد أرادها عبدالله رمية من غير رام في مباراة لا تتحمل ربع خطأ!
هنا قال الجميع أن عادة الاستسلام الزملكاوي قد أزفت وأن عبدالله قد أجهض التكافؤ الذي كان موجودا في الملعب، وهو تقريبا ما كان يأمل فيه الطاووس حتى أن تصريحاته قبل المباراة كانت تراهن على هدف واحد مبكر لفريقه، ليبدأ بعدها اعصار تسونامي!
لا هذا الاعصار حدث، ولا الأهلي اعطانا انطباعا بأنه يملك فعلا أسلحة الدمار الشامل التي تحدث عنها الاعلام بغزارة ونفخ فيها كما ينفخ الحداد في الكير. شعر الجميع أهلوية وزملكاوية وقد كنت وسطهم اتابع انفعالاتهم أن 20 لاعبا يجرون في الملعب شمالا ويمنيا ويتكدسون في العمق هنا والعمق هناك. ليسوا أحصنة أصيلة مدربة ماهرة، وتمريراتهم أشبه بنقيق الضفادع المزعج!
الأهلوية كانوا يقولون إن الزمالك قد يتعادل قضاء وقدرا، والزملكاوية لم يغادرهم الحلم وزال عنهم الخوف تماما، فالفريقان متساويان، وأجوجو يعطي احساس الخطورة فهو يجري فعلا كأنه قطار طائر، لكنه يفتقد التمريرات السريعة من الخلف، وهو ما لم ينتبه له هولمان لحداثة عهده بالفريق ولا طارق يحيي الذي لا زال يعتقد أنه يدرب المصرية للاتصالات.
احتاج اجوجو إلى رأس حربة ثان صريح، وأن يكون حمزة رأسا للمثلث الهجومي فهو يجيد ويتألق عندما يهاجم من الخلف، وفي المرة الوحيدة التي فعلها سجل بمساعدة وائل جمعة، لكنه هو الذي تلقى الكرة ومرر وسدد في مقتل.
بالقضاء والقدر أيضا لم يهتم الدفاع الزملكاوي برقابة أحمد حسن الذي يجيد التسديد من تمريرات الكرات الثابتة، وتركه يسيطر ويسدد في الزاوية البعيدة للمرمى الزملكاوي، وهو هدف لم يكن له لازمة أيضا!
الجديد أن الزمالك لم يستسلم، لكن هولمان لم يستغل خطأ جوزيه بتغيير وائل جمعة الرقيب الرذل لأجوجو، فغيره أيضا، ومن ثم أراح دفاع الأهلي تماما، مع أنه لو بقي لشكل خطورة في الدقائق الباقية، لأنه سريع وقوي، ومفاتيحه مجهولة بالنسبة للمدافعين، على عكس عبدالحليم المستأنس الذي لم يفعل شيئا سوى السقوط في منطقة الجزاء مرة واحدة لعل وعسى يبلعها الحكم البنيني!
حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع ظل الزمالك مقنعا للجميع بأنه يمكنه التعادل، وانعكس ذلك في صافرات الجماهير الأهلوية التي استعجلت الحكم اطلاق صافرة النهاية.
فاز الأهلي بالقضاء والقدر. لكن الزمالك دخل صورة التنافس بقوة، ويحتاج هولمان إلى وقت كاف ليطبع بصماته، ويفهم قدرات لاعبيه، وامكانيات دفاعه.
هذا هو سر هدوء الزملكاوية أمس، وسر فرحة جوزيه والبدري بعد الهدف الثاني الذي سجله أحمد حسن، ففريقه لم يكن شرسا ولا مدمرا ولا فوق العادة!
الثلاثاء 22 يوليو 2008, 6:55 am
